الجزائر

في الصميم أين نحن من التغيير؟



 في خضم التحولات الكبرى التي يشهدها العالم العربي اليوم، يحق لنا أن نتساءل: أين نحن من كل هذه التقلبات؟ وما الذي يمكن فعله في الجزائر؟
ففي مجتمعنا فقدنا كل المرجعيات التاريخية، وكل القيم التي تركت بصماتها وأثرت في مجموعة الأمم أو المجتمع الدولي، لتغرق في انحدار وانتكاس مدني معمم، وتختزل شكلا من أشكال العنف الذي لا يمكن احتواؤه لمدة طويلة، ولتخضع للتوحش والافتراس والرشوة التي تتجه لأن تتحول إلى نمط التسيير الوحيد لنخبة حاكمة، غير كفؤة وغير قادرة على استكمال المشوار.
إن التغيير أضحى ملحا أكثـر من أي وقت مضى، ولكنه لن يستطيع أن يتمخض من الإرادة وحسن نوايا السلطة القائمة، أو أن يقتصر على إصلاحات تجميلية يسعى النظام إلى وضعها للواجهة وترقيتها، لإنقاذ موقعه وامتيازاته في قمة هرم السلطة في بلدنا. وعلى ضوء ذلك، يمكن القول إن الوضع الحالي يتطلب اعتماد برنامج ذات طبيعة مغايرة، تتسم بالطموح، ضمن آفاق تاريخية منفتحة على تصنيف خيارات المجتمع، وكريمة في توزيع الجهود، ومطمئنة في إرساء مسعى يسير بعيدا عن كافة التجاوزات التي عشناها منذ الاستقلال. ولكن هذا البرنامج لا يمكنه تجاوز الانسداد الوجودي إلا إذا رافقته ترقية التعليم والتربية على المواطنة، وعودة الثقة المتبادلة بين الشعب الذي استعاد حقوقه، ونظام سياسي جديد منبثق من هذا الشعب، ومقتنع بضرورة لتجذره ورسوخ قدمه في أوساط المجتمع بمهمته الرئيسية، ألا وهي خدمة كل الشعب لمستقبل أفضل للجزائر بأكملها، وبعبارة أخرى بحجم التغيير الذي طالما انتظره شعبنا
لقد حان الوقت للعمل، من الآن فصاعدا، على تحضير إقامة، في ظرف زمني قصير، مؤسسات تتمتع بمصداقية ومقبولة من الجميع، شرط أن تكون هذه المؤسسات أيضا قادرة على أن تحرص على تجنيب الجزائر أي شكل من أشكال الاختلالات التي يمكن أن تدخل البلاد في حالة من الفوضى.
وفي اعتقادنا أن الضرورة تحتم سيادة القانون تحت أي ظرف في حياة الأمم، كما يتعيّن تحويل الشفافية إلى قاعدة، لمنع ترسيخ أية نية لتحويل أو تحريف القواعد الجديدة عن نهجها السليم داخل المجتمع العصري. فالمساواة تمنع أي شكل من أشكال الانحراف، وتصحح كافة أوجه القصور والاختلال والنقائص، أيا كان نوعها أو طبيعتها.
وفي واقع الأمر، نرى بأن هناك مهمة مستعجلة يجب القيام بها، لأنها تفرض نفسها على كل أولئك الذين يرفضون الحتمية المفروضة اليوم، وتتمثل هذه المهمة في العمل على المحافظة على القيم التي تميز الشعب الجزائري في أعمق خصوصياته وميزاته، من خلال تحليه بالشجاعة والإقدام وميله للإبداع، إلى جانب حسه الكبير للتضامن مع كافة القضايا العادلة، لنحضر بالتالي من الآن تفانيه وخوضه المطلق في العمل على إعادة بناء بلد يعيش على حافة المأساة والعنف والاقتتال الدموي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)