الجزائر

فنان الشريط المرسوم أمير شريطي ل«المساء»:‏ مستقبل الشريط المرسوم في الجزائر مرتبط بالقراء



«رودا» (العجلة باللهجة الجزائرية)، هو عنوان ألبوم الشريط المرسوم لأمير شريطي، يتحدث فيه عن شخصية مراهق يفقد والديه ويعيش في كنف خاله، ويشعر أنه مهمش، فيضع نظارات سميكة وينخرط بين أترابه من أبناء الحي ويتقبل اختلافاتهم والعكس صحيح، وحينما يكبر، يتحول إلى بطل مقنع يسرق من أجل الفقراء، ومن ثم يختفي، أين ذهب رودا؟، وهل سيعود يوما ما؟ وللإجابة عن تساؤلات حوله عن واقع الشريط المرسوم، التقت «المساء» بأمير شريطي وأجرت معه هذا الحوار القصير:
هل يعتبر ألبوم «رودا» أول شريط مرسوم لك، وهل تأثرت بالمانغا أو بالشريط المرسوم البلجيكي الفرنسي؟
* يعتبر ألبوم «رودا» الأول بالنسبة لي، بيد أنني شاركت أكثر من مرة في ألبومات مجلة «لاستور» لزاد لينك وكذا مجلة»بندير»، بالمقابل، تأثرت في صغري بفنيات وتقنيات الشريط المرسوم البلجيكي الفرنسي، حيث كنت مهووسا بألبومات «بيف وهركول» و«تان تان» ولم أرسم المانغا إلا سنة 2006، كما رسمت أيضا الأسلوب الفني «الكوميكس الأمريكي»، وبصراحة أنا متأثر أكثر بالنوعية أكثر من الأسلوب، أي أن هدفي هو تقديم عمل نوعي وجميل كيفما كان رداؤه.
تناولت في ألبومك شخصيات تعيش على هامش المجتمع، كيف جاءت فكرة تسليط الضوء عليها؟
* اخترت في عملي شخصيات تعيش على هامش المجتمع وتتصرف بطريقة قد تبدو غير مألوفة ولكنها تلتقي جميعها في نقطة مهمة تتمثل في تبادل الاعتراف بالآخر، أي أن كل شخص يقدرّ قيمة الشخص الآخر ولا يحكم عليه من مظهره الخارجي أو تصرفه الفردي، وأنا أحب تسليط الضوء على مثل هذه الشخصيات التي لها حضورها في المجتمع، وإن كان ذلك بطريقة فريدة من نوعها.
مثل شخصية «لوستو» صديق «رودا» الذي خصصت له علاوة على مشاركته في القصة الرئيسية، قصة إضافية وضعتها في آخر ألبومك؟
* نعم هذا صحيح، وضعت قصة قصيرة لشخصية أخرى شاركت في الألبوم كصديقة ل«رودا» ألا وهي «لوستو»، وهو مراهق يعيش في قوقعته ويظهر على أنه مصاب بمرض نفسي، وتناولت أيضا في هذه القصة حشرة «اليراعة» وهي حشرة مضيئة يُهتم بها فقط حينما تضيء في الليل، أما في باقي أوقات اليوم، فتُنسى وكأنها لم تكن من قبل، وهو حال الأشخاص الذي يعيشون على هامش المجتمع، ويتعرضون للنسيان والتجاهل وحتى من عدم فهم الآخرين، فيتعرضون للانتقاد ويشار إليهم بطريقة غير لائقة، ولهذا أردت تكريمهم بهذا العمل.
لماذا جاءت نهاية قصة الألبوم حزينة، وحتى حزينة ومفتوحة؟
* تنتهي قصة «رودا» بمجموعة من الأسئلة، وهو ما قاله سليمان، شخصية أخرى من القصة، لا أدري لماذا اخترت أن تكون نهاية القصة مفتوحة ومليئة بالتساؤلات حول مستقبل مخوّف ومجهول، ربما عكست بذلك خوفي الشديد من فقداني لوالديّ، طبعا لا اعتقد أنني سأقوم بأفعال غير سوية في حال حدوث ذلك، ولكنني ربما اخترت هذه النهاية لأعبر فيها عن مخاوفي العميقة.
يحمل «رودا» نظارات سميكة لا تظهر عينيه، وهذا طيلة أحداث الألبوم، لماذا هذا الغموض الذي يحيط بهذه الشخصية؟
* أردت أن أترك للقارئ تفسير هذا الأمر حسب رغبته وميوله وثقافته، وحتما سنجد تفسيرات كثيرة تعود أيضا لسن القارئ ومرجعيته النفسية، وهو ما يحدث مثلا حينما نقرأ قصة «بيتر بان» التي لن يفهمها الجميع بنفس الطريقة، أما عن ارتداء الشخصية لنظارات سميكة طيلة أحداث الألبوم، فربما يعود ذلك إلى أنها مهووسة بشخصيات المانغا، أم بغية التميّز عن الآخرين ربما أيضا لأنه لا يريد أن يكبر.
وربما لأنه يريد أن يتخفى عن الآخرين خلف نظاراته، فللعينين لغة من الصعب أن تكون مزيفة، أليس كذلك؟
* تعجبني هذه الفرضية، وأصدقك القول بأنني فكرت فيها، فالعينان هما المرآة العاكسة للروح و«رودا» قد يكون أخفى عينيه حتى لا يتمكن الآخرون من تفسير أو فهم رغباته وأفكاره، نعم ف«رودا» قد يبتسم بشفتيه إلا أن عينيه الحزينتين كانتا ستفضحانه، وأنا الذي رسمت وكتبت هذه الشخصية، لم أرد أن أفهم الكثير عنها وتركتها تسبح في الغموض والسرية.
في عملك هذا، بدأت أحداث القصة من الوسط واستعملت تقنية «الفلاش باك» ليس للعودة إلى الماضي بل للتوجه إلى المستقبل، كما أضفت لعملك وصفة صنع قالب لتلوين الرسم «بورشوار»، هل كان ذلك لحبك في التميّز؟
* أحب السينما كثيرا وأحب المخرج تاراتنينو الذي يتخذ من الأسلوب الخطي أسلوبا له في العمل، أي أنه لا يهتم بالبدايات التقليدية، «بداية، وسط ونهاية» ولهذا اخترت أن أبدأ أحداث القصة من الوسط حبا في الجمالية والتميز أيضا، أما عن الفلاش باك نحو المستقبل، فهذا راجع إلى حبي للعب مع الزمن، في حين أن تقنية البورشوار، أردت تعميمها بدل تقصيرها فقط على المتخصصين.
لماذا اخترت سنة 1993 لأحداث ألبومك؟ هل لهذا التاريخ علاقة بفترة الإرهاب التي عاشتها الجزائر؟
* لا مطلقا، فلم أضع أي إشارة لفترة الإرهاب التي عاشتها الجزائر، بل أردت أن أرّكز على فترة الطفولة التي تعتبر بحق، المنبع الهام لكل فنان، واخترت هذه السنة التي كان فيها عمري 13سنة لكي أتحدث عن الطفولة البريئة التي رغم الموت، فلم يكن يهمها إلا المرح والعيش.
هل تعتقد أن المانغا والشريط المرسوم أداة ناجعة للتحسيس أم وسيلة للترفيه وفقط؟
* للشريط المرسوم أدوار عدة بحكم أنواعها الكثيرة، فهو وإن كان بالدرجة الأولى وسيلة للحوار والتواصل، فإنه يمكن أن نتناول من خلاله موضوعا بيداغوجيا، كما يمكن أن يكون الشريط مخصصا للكبار ومحظورا على الأطفال، بالمقابل إذا أردنا أن نجعل من الشريط أداة تحسيسية، فهذا ممكن باعتبار أنه محبوب كثيرا من طرف الشباب.
بنظرك، هل يستلزم التكوين في مجال الشريط المرسوم أم أن الموهبة وحدها تكفي؟
* أعتقد أن تقديم الشريط المرسوم لا يتطلب التعلم في المدارس، ولكن في نفس الوقت، الاقتصار على الموهبة ضار أيضا، وعلى الأرجح على فنان الشريط المرسوم أن يكوّن نفسه ويمكن أن يحقق ذلك عن طريق اعتماده على الانترنت مثلا.
ماذا عن مستقبل الشريط المرسوم في الجزائر؟
* مستقبل الشريط المرسوم في الجزائر مرتبط ارتباطا وثيقا بالقراء، أي كلما كان هناك من يقرأ الشريط المرسوم كلما كان هذا الأخير على قيد الحياة، وأضيف أنه مع ظهور ناشرين ينشرون الشريط المرسوم، مثل «زاد لينك» و«داليمان» وغيرهما، أصبح لهذا الفن مدى أوسع في البلد، وأضيف أنه مثلا في سنوات التسعينات حين كان الفنان والكاتب يقتل والصحفي يغادر البلد، بات من المستحيل أن يكون لهذا الفن نشاط واسع، والحمد لله، بدأنا اليوم نخرج رؤوسنا من الماء وأصبح هناك اهتمام بهذا الفن، وأحب هنا أن أنوّه بالتشجيع الذي نتلقاه نحن فنانو الشريط المرسوم من طرف دار النشر «زاد لينك»، والتي تشجع الشباب وتدفع لهم مقابل أتعابهم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)