الجزائر

فكرتان أساسيتان وثالثة محتشمة تجاذبت أشغال مجلس الشورى حمس تطلّق حزبي النظام وتحافظ على زواجها برأس السلطة



 شهدت أعمال مجلس شورى حمس، التي أفضت إلى الانسحاب من التحالف الرئاسي، تجاذب فكرتين تطرحان مشروعين قديمين في الحزب. الأولى يريد أصحابها أن تساهم الحركة في صناعة الربيع العربي، بأن تنتقل إلى المعارضة بشكل واضح. والثانية تقوم على أساس الاستمرار في نهج المشاركة في السلطة التي أسّس لها المؤسس محفوظ نحناح. وانتهى تلاطم الفكرتين إلى فك الارتباط مع حزبي النظام، لكن الولاء للرئيس بقي قائما.
يدافع عن الفكرة الأولى نائب رئيس الحركة عبد الرزاق مقري، الذي يجسّد طرحا غير جديد، أضعفته عضوية حمس في التحالف الرئاسي إلى درجة الشلل، ولكنه انتعش على خلفية أحداث مطلع 2011 بالجزائر. وشعر أصحابه بقوة غير مسبوقة في سياق ثورة الشعوب العربية على الأنظمة المستبدة. ويرى مقري والمدافعون عن هذا الطرح، أن ساعتهم دقت وأن الظرف الإقليمي يخدم فكرتهم ويعطيها مصداقية. وعلى هذا الأساس، مارس مقري ضغطا داخل المجلس لدفعه إلى التوجه نحو نقل الحزب إلى ''مكانه الطبيعي'' كحركة إسلامية، وهو المعارضة.
ولا يخلو هذا الطرح من حسابات انتخابية، فأصحابه يسعون لجني أصوات في الموعد الانتخابي الذي يعتبر مصيريا للحزب. ويمر كسب الأصوات، حتما، عبر موقف قوي يترك الانطباع بأن الحزب يملك قراره بيده ويحاول إزالة فكرة مفادها أنه موجود في التحالف الرئاسي بإرادة بعيدة عن اختياره. وقد ألحق تواجد حمس في التحالف، ضررا بها على الصعيد الرمزي، ولكن أفادها على صعيد الأشخاص بحكم أن العشرات من إطارات حمس، يمارسون مسؤوليات ووظائف كبيرة نسبيا في الإدارة. وفتحت هذه المواقع الباب للعشرات من المناضلين لدخول عالم المال والأعمال، مع ما حمله ذلك من شبهة فساد لصقت بالحزب في السنوات الأخيرة.
أما الفكرة الثانية، تمثل رأيا واسعا داخل مجلس الشورى تقوم على الاستمرار في منطق المشاركة في الحكومة الذي أسّس له الراحل محفوظ نحناح. وهو قرار مجسّد منذ أن التحقت الحركة بالطاقم الحكومي في أيام الرئيس اليامين زروال. وتحفّظ أصحاب هذا الطرح حيال مطلب الانفصال عن التحالف، ورفضوا بشدة مغادرة الحكومة بمبرر أن الخيارين لا ينسجمان مع الخيار القديم القائم على أن يكون للحزب موطئ قدم في الجهاز التنفيذي، حتى لو كان ذلك لا يحقق له التواجد في الحكم. فحمس في النهاية حركة إسلامية، والإسلاميون في منطق النافذين في الحكم لا يؤتمن جانبهم، وبالتالي فإن تغلغلهم في دواليب الدولة يصل إلى خط أحمر لا يمكن تجاوزه. وقد استوعبت قيادات حمس ذلك جيدا، عندما وجدت آذانا صماء لمطلب تحويل التحالف إلى شراكة. يعني تقاسم المنافع والمناصب، على قدم المساواة مع الأفالان والأرندي. ويعزز تواجد عدد كبير من أعضاء مجلس الشورى، في مواقع مسؤولية بالوزارات والمؤسسات الطرح الرافض للخروج من الحكومة، فالأمر بالنسبة للكثير منهم مسألة حياة أو موت.
وطرحت فكرة ثالثة في المجلس الشوري، تناولت تعليق العضوية في التحالف. لكنها لم تلق التأييد. وانتهى التجاذب في النهاية، إلى موقف يجعل الحزب منسجما إلى حد ما مع معارضته الشديدة لإصلاحات الرئيس، التي يحمّل الحزب قصورها وهزالها للأفالان والأرندي وليس لصاحبها الأصلي! وتخدم النتيجة التي أعلن عنها أمس، أبو جرة سلطاني بالدرجة الأولى. إذ يظهر بأنه صاحب مبادرة تحقق للحزب الجلوس على كرسيين، لكنها نتيجة قد لا تحقق لمن دفع إليها مشروع الوصول إلى الحكم في .2012


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)