الجزائر

فشل تجاري خارج المحروقات كل عام والجزائر... بترول


تُطلق الجزائر سنويا مخططات ومخططات، ومشاريع تلو مشاريع، وبرامج تلو برامج، لكن يبقى البترول أساس الدخل القومي، وعنوان الاستمرارية الاقتصادية، ومنبع كل البرامج والمشاريع والمخططات، عائداته تتكفل بكل النفقات، وأسعاره المتغيرة تُحدد حجم هذه المشاريع والاستثمارات سنويا في بداية كل سنة نسمع عن المسؤولين وإطارات الدولة، والقائمين على كل قطاع يؤكدون مسايرة العصر، وبعث برامج تنموية، واستحداث مشاريع ذات أولوية، واهتمام بقطاعات حيوية خارج المحروقات، ويصرحون خلال الندوات “سنستحدث، سنشرع في تطوير، ترقية، تكوين، بناء، إنجاز، ووو..... وأموال ضخمة من الميزاينة تخصصها الدولة لتجسيد الطموح والرهان”، لكننا مع نهاية السنة صرنا نسمع في التصريحات “فشل، خلل، فساد، بيروقراطية التعامل، عدم احترام آجال الإنجاز، ومخلفات أخرى... تثبت هشاشة الاقتصاد الوطني خارج البترول”.الأرقام التي تقدمها مصالح الجمارك والوزارات المعنية بكل قطاع، تؤكد تذبذب الاقتصاد الوطني، وتؤكد أيضا تفوّق فاتورة الواردات -خارج المحروقات- على عائدات الصادرات بنسبة تعدت 80 بالمئة، لأن النفط عصب موازين الدولة، وخاصة منذ إعلان واشنطن عام 1974، عن تغيير سياسة التعامل الدولية من حيث مقاييس التجارة والمبادلات، بتغيير نظام التعاملات من الذهب كمرجع إلى تحديد عملة الدولار كمعيار، وبهذا التغيير نجحت الجزائر ومن خلال صادرات البترول في كسب رهان “الدوّلرة”، ولأن الولايات المتحدة الأمريكية أول زبون للجزائر بواردات بترولية فاقت 16 مليار دولار، ولأن الجزائر تُصدر أزيد من 60 بالمئة من البترول بعملة الدولار، فهي رهينة هذه العملة، التي أصبحت منذ بداية التسعينيات الوحدة الأساسية والوحيدة، التي يتم على إثرها قياس درجة تطور الاقتصاد العالمي من حيث التعاملات، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة.هذه التبعية أفرزت نجاحا مؤقتا للجزائر في معركة “حرب العملات” لضمان الاستقرار الاقتصادي، لا سيما في فترة تصاعد وتيرة الأزمة المالية العالمية. وأكدت الجزائر، من دون أن تُثبت الأحقية الاقتصادية بالاستثمارات، أنها تتمتع ببحبوحة مالية، وصلت 150 مليار دولار، كاحتياطي الصرف، بالرغم من أنها فقدت قيمة الدينار الجزائري، بشكل رهيب، بتسجيل تراجع بلغ 30 بالمئة مقارنة بالدولار.وتعود أسباب تدني مستوى الدينار، حسب الخبراء، لغياب قوة اقتصادية داخلية تتطلع وترتقي به إلى مصاف العملات العالمية في البورصة الدولية، ويقولون إن تراجع الدينار وبالرغم من سلبيته فيما يخص التصدير والاستيراد ومختلف التعاملات التجارية، إلا أنه إيجابي من حيث الاستثمارات وإقبال الأجانب على السوق الوطنية. ويقول فريق آخر من الخبراء، إن الأمر سلبي كلية، لأن الاستثمار الأجنبي خطر على الجزائر، لغياب عامل التنافسية وتكافؤ الفرص بالنسبة للسلع المحلية أمام الأجنبية. والأخطر من هذا، تحويل وتهريب العملة الصعبة إلى الخارج، دون أن تستفيد الدولة من تجارب هؤلاء، ومن دون استحداث ثروة في مختلف القطاعات خارج المحروقات، بل أنتج الاستثمار الأجنبي المباشر أخطار أخرى تهدد الكيان الاجتماعي، من خلال تنشيط حركات التنصير والتبشير، وإدخال ثقافات معادية لتقاليد المجتمع المحلي، حيث تحوّل التهافت الأجنبي إلى “غزو” حقيقي أمام تراجع القيمة الاقتصادية والاجتماعية محليا.ويبدو أن المؤشر الاقتصادي تراجع من حيث التضخم من 5.1 إلى 4 بالمئة العام الماضي، في انتظار ما ستنقله مؤشرات العشرية الثانية، بداية من 2011، بعد أن مرت العشرية الأولى للألفية الثالثة بنظام تنازلي من حيث التضخم، حقق للجزائر نجاحا بتروليا فاق كل التوقعات خلال 2008، حين بلغت الأسعار 147 دولار للبرميل، فقد نجحت الجزائر في تخفيض نسبة التضخم بعد تفوقها في الميزان التجاري مع أهم الدول التي تتعامل معها، منها واشنطن، إيطاليا، كندا ودول صناعية أخرى، لكنه أخمد في المقابل “وهج” الثورة الزراعية والصناعية، التي يطرحها المسؤولون والخبراء سنويا، عملا بالمخططات الخماسية، التي ستستهلك حوالي 600 مليار دولار إلى غاية 2014، دون احتساب الملايير التي تضخها الدولة في إطار مراجعة المشاريع ومحاولة تدراك التأخرات.ويبقى المخطط الوحيد الذي تراهن عليه الجزائر، يتعلق بالمحروقات واستكشافات الحقول الجديدة من البترول والغاز، هذا الأخير الذي لا تتعدى أسعاره الـ 10 دولار للمتر المكعب في أقصى تعاملات السوق الدولية، وتتراوح أسعاره حاليا بين 4 إلى 6 دولار. وتبقى الجزائر متمسكة بسلاح النفط لمواجهة النفقات داخليا وتغيرات السوق عالميا، لذلك نقول “كل عام والجزائر.. بترول” في انتظار ما ستسفر عنه نتائج الاتفاقيات التي أبرمتها الدولة مع عدد من الدول الأوروبية وواشنطن وتركيا، لضمان مرحلة ما بعد البترول، بالاستثمار في الطاقات المتجدّدة، آخرها، موافقة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في لقائه مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على بعث مشروع “ديزارتك” بالصحراء الكبرى.هذا المشروع ترعاه ألمانيا وتراهن عليه كثيرا، خصوصا وأن الدول الصناعية شرعت في إنتاج عتاد ومحركات سيارات تعمل بالطاقات المتجددة، وتُعد إسرائيل ورشة هذه الصناعات، حيث اتفقت مع الرئيس الفرنسي، ساركوزي، ورؤساء دول أخرى، على تصنيع بطاريات ومعدات بيئية، عملا بما قاله الرئيس الأمريكي، باراك أوباما “نريد أن تكون سنة 2020 خالية من التلوث، وأريد سيارات بوقود بيئي في الولايات المتحدة”.عبد النور جحنين
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)