الجزائر

فرنسا وسوق القيم؟!



فرنسا وسوق القيم؟!
كتبت رشيدة داتي، وزير العدل الفرنسية السابقة، في تغريدة على حسابها بالتويتر تقول: ”في باريس يتشدق بقيم الجمهورية وفي الرياضي يبتلعها”.الكلام طبعا يحوم حول زيارة رئيس الحكومة الفرنسية مانيال فالز إلى المملكة السعودية، أين أعلن من هناك إبرام إتفاقيات ب10 ملايير يورو. داتي تفضح هذا التضارب بين المبادئ والمصالح وازدواجية الخطاب السياسي الفرنسي وموقف فرنسا من القضايا الإنسانية. وخاصة ملف حقوق الإنسان المداس في المشرق بصفة عامة وليس فقط في المملكة.طبعا ليست داتي الشخص المناسب في موقع الدفاع عن حقوق الإنسان، فهي الأخرى أكلت كثيرا من يدي أمراء قطر، مثلما فعل زعيمها الروحي نيكولا ساركوزي الذي نافق الزعيم الليبي واستقبله في الإليزي واستقبل خيمته البدوية على ضفاف السين قبل أن ينقلب عليه وينهي حكمه بأبشع الطرق.طبعا فالز لن يتطرق إلى مسألة حقوق الإنسان في المملكة ولا غيرها من المواضيع التي قد تغضب هذا الصديق الثري وتحرم فرنسا من ملايير الدولارات التي ستنقذ الاقتصاد الفرنسي المتهالك وتنقذ الحكومة الإشتراكية التي تمر بأسوأ مراحلها وسقطت إلى أدنى درجات في سبر الآراء، وطبعا لا يمكن لفالز مقايضة 10 ملايير يورو برقبة شاب متهور خرج في مظاهرات ضد النظام السعودي، خاصة وأنه شيعي يقف إلى جانب الجهة الأخرى، جهة الأعداء، ففالز مثل أوباما وهيلاري وغيرهم صاروا من أنصار الإسلام السني، بعدما نجحوا في تحويل الرأي العام العربي عن قضاياه وبعدما بدلوا الصراع العربي-الاسرائيلي، ليحل محله الصراع السني-الشيعي. ألم يقل السعوديون، أن الشيعة وإيران أخطر علينا من إسرائيل؟!كما لن يتحدث عن التدخل السعودي في اليمن، ولا عن أطفالها الذين يموتون يوميا تحت القصف، ولن يتحدث عن انتفاضة الأقصى الأخرى وجملة الإعدامات التي تستهدف الشباب في شوارع الضفة والقدس!سيرتكز الحديث طبعا على العدو المشترك، النظام السوري وروسيا، وسيقول فالز، منافقا الأشقاء السعوديين، إنه مع الموقف السعودي ضد بشار الأسد وسيغازلهم ويسمعهم الكلام الذي يحبون سماعه، ولا بأس ما دام هناك ملايير الأورو التي ستصب في الخزائن الفرنسية وسيأتي الاستثمار السعودي إلى فرنسا مثلما دعاها فالز أمس، وستصب الملايير في الضواحي، ويأتي معها الدعاة ويأتي معها الإسلام السلفي، الذي يغرق شباب الضواحي في الأوهام ولا بأس أيضا ما دام اليسار الفرنسي مثل اليمين، سيستغل مآسي الضواحي والمهاجرين في حملاتهم وخطبهم العدائية التي تتجدد مع كل حملة انتخابية.أما حقوق الإنسان، فلا يعاقب عليها سوى بشار وقبله صدام والقذافي، وتتخذ حجة لزرع الفوضى في المنطقة. حقوق الإنسان تفصل حسب مقاس المصالح، وحسب أهواء إسرائيل، فلم نسمع أحدا في الغرب أدان قتل أطفال أمس، في شوارع القدس، رغم أن إسرائيل اقترفت هذه الأيام مجازر أبشع من جريمة مقل محمد الدرة سنة 2000، ومواقع التواصل الاجتماعي تعج بهذه الاعتداءات والجرائم، لكن فالز والغرب عموما لم يعد يخجل بسياسة الكيل بمكيالين. فلم يعد هناك وزن لكل القيم التي يتشدق بها الغرب وليست فقط قيم الجمهورية هي المهضومة والمداسة، أمام المصالح ولغة المال!!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)