عاد جون كيري مبتهجا إلى واشنطن بإنجازه التاريخي، عندما اقنع الفلسطينيين والإسرائيليين باستئناف مفاوضات السلام، ولكنه ترك وراءه سؤالا محيرا حول المقابل الذي قدمه للرئيس محمود عباس حتى قبل بالعودة إلى طاولة المفاوضات.وقد اكتفى كيري الذي قضى خمسة أيام كاملة في المنطقة، في تصريحه قبل مغادرة العاصمة الأردنية، أنه حصل على اتفاق مبدئي، أما الحيثيات فقد تركها للمفاوضات المباشرة التي ستنطلق بين خبراء الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ولكن ما الذي جعل الرئيس عباس يقبل الجلوس إلى طاولة مفاوضات قاطعها على مدار ثلاث سنوات كاملة، وهو لم يحصل على قرار علني أو مكتوب بوقف الاستيطان الذي كان السبب في توقف مفاوضات السلام نهاية سبتمبر سنة 2010.
وهو التساؤل الذي فرض نفسه، خاصة وأن الرئيس عباس وإلى غاية مساء الجمعة تمسك بموقفه الرافض لمفاوضات دون ضمانات أمريكية مكتوبة، في موقف نقله صائب عريقات إلى كيري الذي بقي في عمان الأردنية. وساد الاعتقاد حينها، أن وزير الخارجية الأمريكي فشل في مهمته إلى المنطقة، قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب ويعلن فرحا أن السلطة الفلسطينية ترحب بالاتفاق.والمفارقة، أن موقف التأييد الفلسطيني جاء في وقت سارعت فيه إسرائيل إلى التأكيد أنها لم تقدم أية ضمانات لوقف الاستيطان، ولا هي قبلت بحدود جوان 1967 التي وضعتها السلطة الفلسطينية كشروط مسبقة قبل العودة إلى المفاوضات المباشرة.
وإذا أخذنا بالتأكيدات الإسرائيلية، فلماذا انتظر الفلسطينيون كل هذه السنوات من أجل العودة إلى طاولة التفاوض، وقد كان بإمكانهم تجنيب أراضي فلسطينية شاسعة من أن تقع فريسة النهب الإسرائيلي لما تبقى من أراضي الضفة الغربية والقدس الشريف.
والخطر كل الخطر أن تكون السلطة الفلسطينية وافقت على العودة إلى مسار السلام، بمجرد وعود قدمها جون كيري بأنه سيضغط على إسرائيل لقبول ذلك، مع أن تجربة العقدين الماضيين منذ التوقيع على اتفاقات أوسلو أكدت أن من ينتظر السلام والأرض من إسرائيل واهم، وأن المتطرفين اليهود الذين استحوذوا على دواليب دوائر السلطة واتخاذ القرار في الكيان الإسرائيلي لم يعودوا يؤمنون بالمفاوضات لتحقيق السلام، بقدر ما يؤمنون بالقوة لفرض منطقهم على الكل بما فيها الولايات المتحدة.
وكم من مرة صدمت إسرائيل مسؤولين أمريكيين جاؤوا للترويج لأفكار السلام بمشاريع استيطانية ضخمة، في صفعات طالت الرئيس بوش وأوباما وكانت في النهاية الرابح الأكبر في معادلة تبقى الأرض هي النقطة المحورية في سلام زائف؟
والمفارقة، أن الفلسطينيين يدركون قبل غيرهم مثل هذا الأمر، ويعلمون أن الأرض الفلسطينية راحت تحت جرافات المستوطنين اليهود، ولكنهم قبلوا العودة إلى مفاوضات حظوظ فشلها أكبر من فرص تحقيقها الأدنى مما هو مخطط لها.
وكيف للفلسطينيين وحتى الدول العربية أن تقبل التفاوض مع كيان محتل يرفض الاعتراف حتى بمبدأ الدولتين الذي ترعاه الولايات المتحدة على الورق، وعجزت على تجسيده على أرض الواقع منذ جورج بوش الأب؟
هي أسئلة وأخرى تفرض نفسها وإجاباتها لن تلبث أن تعرف لاحقا، بمجرد أن يبدأ المفاوضون الإسرائيليون في مناوراتهم وابتزازهم الذي يبرعون فيه، ويبقى الأمريكيون في موقع المتفرج وأما الفلسطينيون فسيدفعون الثمن، من منطلق مقولة أن "يداك اوكتا وفوك نفخ".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/07/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : م مرشدي
المصدر : www.el-massa.com