الجزائر

''فتاوى مضللة تؤسس للجهاد في المنطقة'' مشايخ وأئمة الساحل



انتقد مشايخ وعلماء وأئمة من دول الساحل الإفريقي تنامي لهجة الغلو والتطرفّ في تلك المنطقة الإفريقية باسم الدين الإسلامي، وأعلنوا تأسيس رابطة لعلماء ومشايخ في خمس دول، مهمتها ''محاربة الغلو الاعتقادي والعملي'' الذي أدى إلى ''تحميس البعض على الجهاد والتكفير، بناء على مرجعيات جاهلة''.
ولا يساور مشايخ من الساحل الإفريقي أدنى شك في أن كثيرا من أوجه العمل المسلح في منطقة الساحل الإفريقي باسم الدين الإسلامي ''غلو وتطرف''، لا يوجد ما يؤسس له في الشريعة الإسلامية، وانتقدوا لجوء جماعات إلى الأخذ بالفتوى من ''أشخاص من غير أهل الاختصاص''، والمصيبة أن الفتاوى ''الجاهلة'' في نظر أعضاء الرابطة ''تتعلق بالمواقف في الدماء والقتال''، في مظهر واضح ''للجهل بالكتاب والسنة وأحكام التكفير والجهاد''.
وأعلن مشايخ من خمس دول في الساحل الإفريقي، الجزائر والنيجر ومالي وموريتانيا وبوركينافاسو، أمس، عن الميلاد الرسمي ل''رابطة علماء ودعاة دول الساحل''، وجرى عقد المؤتمر التأسيسي في فندق ''مزافران'' في الضاحية الغربية للعاصمة، على أن يتم الشروع مباشرة في تأسيس الفروع في ثمانية بلدان إفريقية.
وفي افتتاح الجلسة، أكد ممثل الوفد الجزائري، الشيخ يوسف مشرية، على ضرورة مواجهة ''التطرف والغلو'' الذي أصاب الأمة الإسلامية في السنوات الأخيرة وتسبّب في ''تفريق كلمة الأمة وضرب أمنها''، مبرزا أن ''الإسلام يدعو إلى الرحمة والخير والتسامح، وينهى عن الفساد''.
ورفض مؤسسو الرابطة تشخيص الدعوة في تنظيمات بعينها في الساحل، كما رفضوا إعطاء تصوّر سياسي لخطوتهم. وذكر الشيخ يوسف مشرية أن ''منطقة الساحل أصابها داء عضال، وأن الكل مدعو، في ميدانه، لمحاربة التيارات الدينية المنحرفة''.
وتحدث الشيخ أحمد تخمرين الذي يمثل الجزائر بدوره، عن فكرة تأسيس الرابطة خلال موسم الحج الماضي، مشيرا إلى أن الوضع المتأزم في المنطقة كان دافعا لإعلان المبادرة ''لمكافحة التطرف والإجرام ضد الذين أوغلوا في الدين بغير رفق، بعد اتخاذهم قدوة دون رسول الله''.
وشبّه بعض العلماء حال الفتوى في منطقة الساحل الإفريقي بحال الجزائر سنوات التسعينيات، وجرى التلميح للفتاوى ''المشرقية'' التي تبتعد عن مقاصد المذهب المالكي. وقال الشيخ تخمرين إن مظاهر الغلو في المنطقة أخذت مظاهر ''تكفير المجتمع عموما وتحريم الصلاة، حتى في مساجد المسلمين، والدعوة إلى العنف ورفض إجماع الأمة والطعن في الأئمة''، وأضاف ''هناك مظهر لافت في التشدّد في الفرعيات، كأن أحكام الدين حرام وواجب فقط، مع أن الأحكام تنقسم لخمسة''. ولم يخض مشايخ الدول الخمسة في الحلول المقترحة دوليا في الساحل الإفريقي، ومن بينها خيارات الحرب، إلا أن الشيخ داوود بوريمة، ممثل دولة النيجر، لمّح إلى أن كل الحلول لن تأتي بجدوى ''إلا إذا جاء الحل دينيا، لأنه الوحيد الذي يقدّم المرجع الأخلاقي، بحكم أنه يتوجه إلى الضمير الإنساني''. وتمنى الشيخ بوريمة أن ''يتوحد صف رجال الدين في المنطقة، لتحديد مرجع ديني واحد''.
وتحدّث الشيخ أبو سعيد الجزائري، وهو عضو مؤسس بالرابطة، عن ''غلو الكثيرين في الساحل وتطرفهم اعتقاديا وعمليا''، فلاحظ ''في باب الاعتقاد، شدّة الكراهية للمخالف والطاعة العمياء للقائد والتعصب. أما في الباب العملي، فالحمل على النفس أكثر مما تطيق وترك الرخص الشرعية وتحريم الحلال وتفسير النصوص، بما يتعارض ومقاصد الشريعة''. والمؤسف، يقول الشيخ، أن الفتاوى ''الجاهلة'' لا تتعلق فقط بالأمور الصغيرة، وإنما ''بالفتوى في الدماء والقتل والمواقف''، والسبب هو ''الجهل بالكتاب والسنة، وعدم العلم بأحكام الجهاد والتكفير''. موضحا أن الساحل يشهد نفس السيناريو في الجزائر في العشرية السوداء ''لما أفتى البعض من الخارج بالجهاد ثم راجعوا أنفسهم، بحجة أنهم ما كانوا يعلمون.. العلماء الحقيقيون من يعملون بالممكن المتاح''.
ويترقب أن تعلن الرابطة، مساء اليوم، عن أعضاء هياكلها في الرئاسة والمكتب التنفيذي، ومتوقع أن تخرج ببيان قد يشير إلى الحرب الفرنسية الإفريقية في شمال مالي، وقضية الرهائن لدى التنظيمات الإرهابية. وقد بدا بعض الانقسام في الرأي حول الحرب الفرنسية، حيث اعتبرها شيخ الطريقة القادرية المالي ''حربا جائزة، ما دامت تستهدف الإرهابيين وليس الدين''. في حين فضل المستشار المكلف بالشؤون الإسلامية في وزارة الشؤون الدينية الموريتانية، سيدي محمد ولد الشواف، القول إن ما يجري في مالي ''فتنة''.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)