فايزة الجزائرية، واسمها الحقيقي فايزة بن مسعود، هي مغنية جزائرية ولدت في 26 فبراير 1941 بالجزائر العاصمة. نشأت في عائلة متواضعة بأحياء الجزائر الشعبية، حيث كانت الموسيقى جزءًا لا يتجزأ من حياتها اليومية. بدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة، وتحديدًا في عام 1957، وهي في السادسة عشرة من عمرها، في فترة حساسة من تاريخ الجزائر تزامنت مع ذروة حرب التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي.
البدايات الفنية
بدأت فايزة مسيرتها بعد دراستها في المعهد الموسيقي البلدي بالجزائر العاصمة، حيث صقلت موهبتها في الغناء واكتسبت أسس الموسيقى التقليدية والحديثة. في عام 1959، بدأت بالظهور في الإذاعة والتلفزيون الجزائري، مما ساعدها على الوصول إلى جمهور واسع. وفي سن الـ19، سجلت أول أسطوانة لها، وهي الأسطوانة الوحيدة في مسيرتها، إذ تم حفظ معظم أعمالها لاحقًا على أشرطة مغناطيسية.
الأسلوب والإنتاج الفني
تميزت فايزة بصوتها العذب والمليء بالإحساس، الذي يجمع بين الأصالة الجزائرية والمعاصرة. خلال الفترة بين 1959 و1962، قدمت مجموعة من الأغاني التي تحمل طابع الحنين والذكريات، ومن أبرزها:
"محلا يوم شبابي": أغنية تعبر عن شوقها لأيام الشباب.
"مالك مالك" و**"حرام تنسى"**: تعكسان عمق الإحساس والمشاعر الرومانسية.
"غرفة أمي": تحمل ذكريات طفولتها وارتباطها العاطفي بوالدتها.
لم تقتصر فايزة على الأغاني العاطفية فقط، بل كان لها دور بارز في دعم الثورة الجزائرية من خلال أغانٍ وطنية مثل:
"قصبة يا قصبة": التي تغني فيها بجمال القصبة التاريخية.
"يا أرض أجدادي" و**"قسمن يا بلادي" (1962)**: أعمال تعبر عن الفخر الوطني والانتماء.
عملت فايزة مع عدد من الملحنين والشعراء المعروفين، مثل مختار، سحنون، علال مراح، حداد الجيلالي، ومحمد الباجي. كما تعاونت مع الموسيقار عبد الله كريو، الذي لحّن لها أغنية "كرسي في جنينة".
مسيرتها بعد الاستقلال
بعد استقلال الجزائر في 1962، توقفت فايزة عن الغناء لفترة بسبب زواجها، لكنها عادت في 1966 بأربع أغانٍ جديدة، منها اثنتان من كلماتها وألحانها، مما يظهر قدرتها على الكتابة والتلحين. في الثمانينيات، حاولت العودة بأغانٍ موجهة للشباب مثل "صبي صغير" (1983)، لكن هذه المحاولة لم تحقق النجاح المأمول، ربما بسبب تغير الأذواق الموسيقية وظهور أنماط جديدة مثل موسيقى الراي.
ظهورها الأخير
في 26 فبراير 1992، وهو يوم عيد ميلادها الـ51، ظهرت فايزة كضيفة شرف في برنامج "مع الجديد" على التلفزيون الجزائري. كانت هذه الظهور فرصة لاستعادة ذكرياتها الفنية، حيث أدت بعض أغانيها القديمة، وأظهرت حضورًا قويًا رغم ابتعادها عن الأضواء لسنوات.
الحياة الشخصية
تأثرت مسيرة فايزة بحياتها الشخصية، حيث أدى زواجها إلى انقطاعها عن الفن لفترات. كما أنها عاشت في ظل ظروف اجتماعية وسياسية صعبة خلال الاستعمار وبعده، مما انعكس على اختياراتها الفنية. لم تكن فايزة تطمح إلى الشهرة العالمية، بل كانت تركز على تقديم فن يعبر عن هويتها الجزائرية ومشاعر جمهورها.
إرثها الفني
رغم أن فايزة الجزائرية لم تترك إنتاجًا غزيرًا (حوالي 50 أغنية فقط)، إلا أنها تركت بصمة مميزة في الموسيقى الجزائرية. أغانيها الوطنية ساهمت في تعزيز الروح الوطنية خلال وبعد حرب التحرير، بينما أغانيها العاطفية لا تزال تُسمع حتى اليوم لما تحمله من صدق وأصالة. يُشار إليها أحيانًا بـ"الصوت الفيروزي" لما في صوتها من نعومة وإحساس.
مقارنة مع معاصريها
على عكس مغنيات مثل وردة الجزائرية، التي حققت شهرة عالمية، فضّلت فايزة البقاء قريبة من جذورها الجزائرية. ربما كان تركيزها على الساحة المحلية وقلة إنتاجها سبباً في عدم انتشارها عالمياً، لكن هذا لا يقلل من قيمتها كرمز للموسيقى الجزائرية الأصيلة.
خاتمة
فايزة الجزائرية هي واحدة من الأصوات التي جسدت روح الجزائر في فترة مفصلية من تاريخها. بصوتها المليء بالدفء والحنين، استطاعت أن تلمس قلوب الجزائريين، سواء بأغانيها الوطنية التي دعمت الثورة أو بأعمالها العاطفية التي تحكي قصص الحب والذكريات. تبقى فايزة رمزًا للأصالة والإحساس في الغناء الجزائري، وإرثها لا يزال حيًا في ذاكرة عشاق الفن الأصيل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/03/2025
مضاف من طرف : musiquealgerie