تنتمي الأستاذة فايزة إلى عائلة فنية، فوالدتها من عشاق اللون الأندلسي، ولعل هذا ما جعلها تنجرف لحب الموسيقى كوالدتها، حيث قالت: ''أذكر أنه عندما كان عمري ست سنوات، كنت أستمع لوالدتي وهي تقوم بالإشغال المنزلية، تردد الكثير من المقطوعات الغنائية الأندلسية التي كنت أرددها بدوري بعدها، ولما أدرك والدي شغفي للغناء وحبي الكبير للموسيقى، قرر أن يدخلني إلى المعاهد التي كانت تتولى الإشراف على متابعة المواهب الصاعدة، فكانت اِنطلاقتي بمعهد الموسيقى الواقع بساحة موريطانيا سابقا، وأذكر جيدا أنه عندما طلب إليّ أداء مقطوعة موسيقية؛ ''صبري قليل'' أديتها ببراعة، الأمر الذي جعلني أدخل المعهد من بابه الواسع، وبعدها بفترة وجيزة، شاركت في فرقة موسيقية أشرفت على إحياء حفل بالمسرح الذي كان الفنان اسطنبولي مسؤولا عليه وقتذاك.
لم يعد الغناء يشكل بالنسبة لفايزة المطلب الأساسي، وإنما باتت تتطلع لتعلم العزف على بعض الآلات الموسيقية، فكانت البداية مع آلة القيثارة، حيث قالت: ''أحب الغناء الأندليسي والشعبي، غير أن طموحي كان أكبر من ذلك، حيث كانت الآلات الموسيقية تمثل، بالنسبة لي، تحديا لاسيما أنها المسؤولة عن ضبط الألوان الغنائية وإظهارها في شكل مبدع. وبالفعل، كانت بدايتي مع آلة القيثارة التي لم تتطلب مني وقتا كبيرا لتعلمها، غير أن إحساسا بداخلي كان في كل مرة يوحي لي بأن القيثارة ليست الآلة الوحيدة الوحيدة التي أسعى للعزف عليها، وإنما البيانو الذي كنت في كل مرة فيها أدخل المعهد وأشاهد أستاذي الحاج ماماد بن شاوش يعزف عليها، تنتابني رغبة جامحة في تجربة هذه الآلة التي كانت بالنسبة لي من أكبر التحديات.
تعلُّق فايزة بالبيانو، دفع والدها إلى شرائه لها، ومن خلاله انفجرت موهبتها، حيث تعلمت العزف بمفردها، وهو ما جعل كل من يعرفها يسألها عن سر ذلك، فكانت ترد ببساطة: ''أحسن ما قام به والدي عندما اشترى لي آلة البيانو، التي بسبب عشقي الشديد لها، تعلمت العزف عليها دون الحاجة إلى معلم''، واليوم، تستطيع محدثتنا أن تعزف أي مقطوعة مهما كانت، غير أنها بارعة في المقطوعات الخاصة بالشعبي والأندلسي، الأمر الذي جعل حضورها مطلوبا عند إحياء الحفلات الموسيقية.
من بين المحطات المهمة في حياة فايزة، والتي تحب الحديث عنها، تلك التي انتقلت فيها من المستوى الأول إلى المستوى الأخير دون المرور بالمستوى المتوسط، لأنه ببساطة يعكس مدى تفوقها ويؤكد موهبتها، وحول هذه المحطة قالت: ''كانت مرحلة انتقالي من معهد القبة إلى معهد ساحة الشهداء، حيث انتقلت من مستوى المبتدئين إلى مستوى المتفوقين، بمثابة اعتراف لي بتفوقي، لاسيما في مجال العزف على البيانو الذي عن طريقه، تحولت إلى أستاذة في الموسيقى، أتولى تعليم وتوجيه عشاق الموسيقى نحو الطريق الصحيح، ولا أكف عن دعمهم وتحفيزهم لتحقيق ذاتهم وإثبات وجودهم، لا سيما النساء اللواتي هن في أشد الحاجة إلى من يأخذ بأيديهن، ويقدم لهن الدعم الكافي للظهور، وتستطرد قائلة: إلى جانب المعاهد، هناك الكثير من الجمعيات التي تدعم المرأة وتساعدها على تحقيق أحلامها في عالم الموسيقى، مثلا على غرار جمعية ''الفخارجية'' التي من خلالها تعلمت الكثير من النوبات الموسيقية التي نشارك بها عند إقامة بعض الحفلات.
في وقفة تقيميه لنفسها، ولمشوارها الذي يزيد عمره عن 40 سنة في عالم الموسيقى النظيفة، ومع آلة البيانو، قالت الأستاذة فايزة: ''أشعر بالفخر والاعتزاز، لأنني تمكنت أن أصنع من نفسي فردا مفيدا للمجتمع، حيث أشرف اليوم على تعليم عدد كبير من عشاق الموسيقى، كما تخرّج على يدي عدد من الأساتذة الذين يزاولون المهنة اليوم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : وفي الأخير، رغبت الأستاذة فايزة في تقديم تهانيها الحارة، بمناسبة الثامن مارس إلى كل نساء الجزائر، حيث قالت: ''أهنئ كل امرأة جزائرية بعيدها، وأنصحها بالمضي قدما لتحقيق ما ترغب فيه، حتى لا تندم يوما على ضياع عمر لا يعود''.
المصدر : www.el-massa.com