الجزائر

غياب مسرح الطّفل فسح المجال للبهرجة وألعاب الخفّة



سجّل الكاتب سعيد مشري أنّ الواقع الذي يحياه مسرح الطفل في بلادنا ليس على ما يرام، وأشار إلى أنّه لم يعد هناك وجود للقعدات العائلية وحكايات الجدات أو الفرجة التي كان يوفرها المسرح والسيرك عبر مختلف المدن والقرى وحتى المدارس ومراكز الثقافة التي كانت تعج بالأعمال الفنية المسرحية المقدمة للأطفال من طرف المؤلفين، الكتاب ورجال المسرح.يقول سعيد مشري: "اليوم لم يعد هناك وجود لمسرح الطفل، فكل ما هو متوفر الآن مجرد عروض للمهرجين أو السيرك الذي يزور بعض المدن الكبرى ليقدم ألعاب الخفة للأطفال المتشوقين للفرجة والمتعة، والتي يوفرها لهم المهرجون والبهلوانيون بعيدا عن قاعات العرض وخشبات المسرح التي لم تعد برامجها تتضمن مسرحيات للأطفال لانعدام نصوص مسرحية تعنى بهذه الفئة وتسافر بهم إلى عالم الجمال والإبداع".
وأكّد محدثنا أنّ من يكتبون للطفل لا يبحثون مطلقا عن المردود المادي، بقدر ما يبحثون عن إحياء العادات والتقاليد من خلال النصوص المسرحية التي يحاولون تقديمها للأطفال، أو الحكايات والقصص التي تسمح بنقل رسائل ذات طبيعة تعليمية وتربوية، أو قد تتعلق فقط بالمجال التكويني. وقال: "العديد من الكتاب يعمدون إلى استخدام أسلوب لم يعد تقليديا، وذلك من خلال إضافة العنصر العاطفي الذي يبرز الأحاسيس وتعابير الوجه التي توصل العديد من الرسائل التثقيفية، التربوية، الدينية والتعليمة والتي تجذب الانتباه وتصقل شخصية الطفل الذي يتأثر بكل ما يراه، لهذا يجب أن تكون الرسائل هادفة مع مراعاة عامل السن لهذه الفئة من المجتمع".
مشري، وفي سياق حديثه، يرى بأنّه وجب إتقان الفن من أجل تقديم أعمال مسرحية ذات مستوى عال لجذب الأطفال واستقطابهم للاهتمام بهذا النوع الفني، مشيرا إلى أن كثيرين يعتبرون المسرح مجرد مشاهد والخروج عن المألوف في قالب فكاهي وممتع، غير أن المسرح ليس للترفيه والفرجة فقط، وإنما رسائله أعمق من ذلك، حيث تحوي النصوص المسرحية دروسا هامة تسهم في تكوين شخصية الطفل وفقا لمبادئ وأسس أخلاقية تساعده في بناء شخصيته وتحضيره لمواجهة الحياة بمختلف تغيراتها.
واختتم مشري حديثه مع "الشعب" بتوجيه رسالة للكتاب بضرورة الاهتمام أكثر بعالم الطفل، وذلك من خلال الكتابة له وتحضير نصوص مسرحية تعيد الروح لهذا النوع الفني الذي غاب عن الركح، وفسح المجال لألعاب الخفة وبعض المهرجين الذين أخذوا مكان رجال المسرح، بإنتاج لا يرقى للأعمال المسرحية الهادفة التي يتعطّش لها الأطفال وأولياؤهم، الذين عجزوا عن إيجاد فضاءات خاصة بتقديم محتويات فنية هادفة، من شأنها أن تساعد في البناء السوي لشخصية الطفل، خاصة مع الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي والانترنيت، الذي غيّر توجّهات الأطفال إلى الألعاب الإلكترونية والمحتويات التي لا تخدم شخصيته.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)