ترسيخ الثّقافة المرورية وأنسنة سلوكيات الناس
ركّز المشاركون في المداهمة الليلية التي نظّمتها مصالح الدرك وجهاز الشرطة مؤخرا بولاية الشلف، على زرع الثقافة المرورية ذات البعد الاجتماعي، وتهذيب السلوك ضمن أنسنة السياقة، وجعل القيمة التربوية واحترام الغير منهجا يقي السائق، ويحافظ على سلامة وصحة الآخرين.
المحاور التي تبنّاها مختصّون وقياديّون في جهاز الدرك الوطني ومصالح الشرطة على مستوى الولاية، يتقدمهم قائد مجموعة الدرك ورئيس الأمن الولائي، والتي رافقتها "الشعب" ليلا قد اتخذت أسلوبا لقي استحسان الجميع بالرغم من اختيار موقعة الليل لتنفيذ هذه العملية التي أخرجها المشرفون عن المداهمة في إطارها الأمني إلى فضاء الاحتكاك المباشر في حوار بنّاء ومفتوح ونقاش هادف وصريح، جعل أعوان الأمن وإطاراته ومصالح الدرك وفرقه يكتشفون عمق الاحترام الذي يكنه السائق والمواطن والمرأة والطفل الذي وجد في فسحته الليلية بالأماكن العمومية والمساحات الخضراء، والتنقل بين المتاجر والمحلات والسير في الطرقات والشوارع فضاء أمنيا وراحة يساهم فيها عونا الشرطة والدرك حسب تواجدهما وتموقعهما بالمدن والتجمعات السكنية الكبرى والبلديات الريفية المنضوية تحت حماية مصالح الدرك الوطني.
هذه المهام النبيلة الكبرى هي منطق العملية المشتركة التي قادتها الهيئتان الأمنيتان باقتدار وحرفية وانضباط ومهنية عالية بتوجيهات صارمة ومضبوطة من طرف رئيس الأمن الولائي علي عادل وقائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بطريق، حيث تعتمد في المقام الأول على تطبيق القانون والتحلي بالأسلوب السلس والأخلاق العالية التي عايشتها "الشعب"، وهي ترافق وتتابع المداهمة إلى آخر فترة من الليل بدون كلل أو ملل رغم قساوة الظروف المناخية الباردة التي ميزت أطوار المداهمة التي جندت لها كل الوسائل المادية والتأطير البشري المتخصص.
تجاوب ملموس من السّكان ومستعملي الطّريق
لم يتأخّر المواطنون الذين التقينا بهم خلال هذه العملية في التعبير عن عرفانهم بالدور الذي تؤديه العناصر الأمنية على مستوى التحسيس من خلال تقربها من الفرد والجماعات، بما فيها التنظيمات الجمعوية التي تعتبرها من وسائل إيصال المعلومة والقيمة للمستهدفين من كل الشرائح.
كما تعمل في بعض الأحيان بواسطة التنسيق والمشاركة في كثير من الخرجات الميدانية التي تقوم بها فرق الدرك الوطني والمصالح الشرطية على مستوى تواجدها، يقول بعض ممثلي الحركة الجمعوية النشيطة.
لتحقيق تلك الأهداف وغيرها من الغايات، جنّدت المصالح الأمنية المركبات المتعددة المهام مع الدراجات النارية وأجهزة الاتصال والمراقبة التي تتطلبها العملية، التي لقيت تجاوبا من طرف السكان ومستعملي الطريق ورواد الساحات العمومية، كما هو الشأن بالحديقة الجديدة بحي بن سونة وفضاء 11ديسمبر وساحة التضامن، وغيرها من الأماكن التي يتردد عليها الزوار خاصة في نهاية السنة التي عادة ما يلجأ فيها بعض الشباب المتهور لاستعمال المفرقعات والشماريخ دون الاكتراث بالمحيط الاجتماعي والراجلين حتى المصاحبين لهم مما قد يتسبب في حوادث وتشوهات وإعاقات خطيرة.
لذا بات على المصالح الأمنية التحرك لتفادي من هذه الحوادث، مستعينة بعمل الجمعيات والنوادي ولجان الأحياء والمجتمع المدني ضمن أهداف تحسيسية ووقائية، تقول المصالح الأمنية والسكان ومستعملو الطريق، الذين ثمنوا هذا العمل الميداني الذي تنجزه المصالح الأمنية من شرطة ودرك وطني داخل المجمعات الحضرية والأحياء والبلديات الريفية، خاصة خلال الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية والتظاهرات بما فيها اللقاءات الرياضية والثقافية.
دعامة للتّثقيف المروري واجتماعية المواطن
تلتقي المهام النبيلة والأدوار التي يؤدّيها جهاز الشرطة بعناصره من أعوان وإطارات من جهة وفرق الدرك الوطني وضباطه في كون النشاط والمجهودات التي يقومون بها ترمي في الأساس غرس الثقافة المرورية، التي ما زالت مع الأسف غائبة لدى البعض بفعل ممارسات التهور وعدم الإحساس بالمسؤولية، مثلما سجلناها لدى توقيف سائق دراجة نارية في حدود سن 70 عاما، وهو يضع ابنه الذي لا يتجاوز 7سنوات خلفه غير عابئ بالأخطار المحدقة التي تواجه هذا البريء، الذي رغم أنه كان يحمل خوذة إلا أن الخطر يداهمه في كل لحظة.
ولدى دخول ضابط من الدرك الوطني في حوار مع الوالد، اعترف هذا الأخير بالخطأ، موجها نداء لأصحاب الدراجات بضرورة الحذر وعدم التهور الذي يكلف غاليا في حالة وقوع حادث لا قدر الله، فالضرر قد يتعدى صاحب المركبة ليصيب الطرف الآخر الذي يصبح الضحية، يقول ضابط الدرك الوطني.
بالمقابل كان للحوار الذي دار بين ضابط الشرطة سيد أحمد قوادري المكلف بخلية الإعلام والاتصال لرئاسة الأمن الولائي مع أحد السائقين لسيارة أمام أحد الفنادق صدى لدى الحضور بما فيهم السائق وعجوز كانت بجانبه، حيث شدّد صاحب المركبة على أهمية الدور الذي تقوم به المصالح الأمنية من جانب التحسيس وتقديم الدروس الوقائية، والتذكير بالقوانين الخاصة بالمرور ضمن معلومات قد يغفل عليها البعض، يقول هذا الشيخ بكل احترام وإعجاب بالمعاملة التي لقيها من الضابط، حسب ما أفصح عنه في هذه الوقفة القصيرة.
لم تختلف الصورة التي رصدناها من قبل عن موقف صاحب حافلة نقل المسافرين، الذي لم يتردد أمام جمع من مستعملي الطريق في البوح عما يكنه من تقدير للمصالح الأمنية من درك وشرطة لما يقومون به من مجهودات جبارة وتوجيهات لنظرائه في مهنة سائقي الحافلات بالنظر المسؤولية الملقاة على عاتقهم اتجاه الركاب، ومذكرا بالحوادث المسجلة التي كان آخرها حافلة الرياضيين لولاية البيض وما أحدثته من ضحايا، فالحذر كل الحذر يقول محدثنا.
لذا أصبح التثقيف المروري ضرورة ملحة لغرس قيم اجتماعية لدى السائق من خلال التفكير في أرواح الآخرين مع أنسنة معاملته لتفادي سقوط الأرواح، وتشريد الأسر خاصة في حالة ضياع الولي وإلحاقه بالمعاقين، لذا اعتبر محدثونا أن دور هذه المصالح صار ضروريا لتفادي الخسائر والضحايا وتشتيت الأسر.
رفقا بالأطفال والشّباب يا أولي الألباب
كان حرص المصالح الأمنية على فلذات الأكباد وفئة الشبا،ب كما قال أحد المشرفين على المداهمة العنوان البارز في معظم تحركات المصالح في عدة مواقع وتظاهرات وأنشطة ومجهودات يومية يراها الأمنيون من الأولويات في مسؤولياتهم وعملهم الميداني.فمن مرافقة الأطفال من ممر الراجلين إلى تأمين الحماية المرورية بمحيط المؤسسات التربوية عند الدخول والخروج، يتجلى الحرص الشديد على سلامة فلذات الأكباد وسراج المستقبل للأمة والأسر التي وجدت في المصالح الأمنية ذلك الحضن الدافئ والمرافق بعيون ساهرة، وأحاسيس تجمع بين شعور الأمومة والأبوة التي تتحرك كل يوم في نفوس مصالح الدرك والشرطة.
كما يصفها الأطفال الذين تحدثوا إلى "الشعب" بكل براءة وعفوية قائلين: "الدرك والأمن فيهما خصلة الأمهات والآباء"، معينهم طيب ومعاملتهم الرقيقة تهيج مشاعرنا وأحاسيسنا ،يقول عبد اللطيف وسفيان وشهرزاد ولمياء وياسمين الذين التقينا بهم في حديقة حي بن سونة.
الرفق بهذه الفئة من عيون مستقبلنا مسؤولية أوكلت للمصالح الأمنية، الحضن الثاني بعد الفضاء الأسري بحنان الأبوة الأمومة، هذا السلوك الذي سجلناه أثناء هذه المداهمة جسدته العناصر الأمنية من خلال تدخلاتها وتوجيهاتها للسائقين في كل أصناف المركبات والدرجات التي تم توقيفها أثناء هذه العملية التي جرت في انضباط وحضور ميداني، ومعاملة قانونية رافقتها السلوكيات والقيم الإنسانية العالية التي تحلت بها قوات الدرك والشرطة عبر مراحل وفترات المداهمة.وفي ذات السياق، حرصت من جهة أخرى المصالح الأمنية على التقرب من الشباب ومحاورته أمام مراكبه التي تنوعت بين السيارات والحافلات والدرجات النارية التي كانوا يستقلونها، حيث كان لمراعاة العامل النفسي والبسيكولوجي لهذه الشريحة المنفذ الوحيد لكسب الثقة والإصغاء للتوجيهات والنصائح ضمن حوار مشترك جعل البعض منهم يقر بضرورة التفكير في الآخرين قبل التفكير في نفسه.هي الرسالة التي حرصت المصالح الأمنية تبنّيها، والعمل على ترسيخها في نفوس شباب المستقبل وذخر الأمة وشعلتها المتقدة على الدوام، وهي حقيقة يسعى إليها أصحاب العقول الراجحة وتعمل على تكريسها أجهزة الدرك والشرطة من خلال مهامهم النبيلة في حماية الجميع، وبالخصوص الأطفال والشباب الطامح في الرقي بعيدا عن الآفات والأمراض التي لم تغب عن عيونها الساهرة بكل احترافية وانضباط في كنف تطبيق القانون وحماية الجميع.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/01/2024
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : و ي أعرايبي
المصدر : www.ech-chaab.net