الجزائر

عيسى مسعودي: لا صدى ''لصوت الجزائر''!


 في الرابع عشر من الشهر الجاري، تمر ثمانية عشرة سنة من رحيل الإعلامي المجاهد عيسى مسعودي صوت الجزائر . قد أكون محظوظا أنني عرفت الرجل الذي قيل أن الرئيس بومدين رحمه الله قال عنه ذات يوم انتصرت ثورتنا بفضل الثنائي جيش التحرير الوطني وعيسى مسعودي . كان ذلك سنة ,1970 وكانت وقتها صحفيا مبتدئا بجريدة الشعب أيام كانت الشعب، شعب . قادم من وزارة الإعلام والثقافة التي كان مستشارا تقنيا إثر التغيير الوزاري الذي انتقل بموجبه المرحوم محمد الصديق بن يحي إلى وزارة التعليم العالي واستخلافه بالدكتور أحمد طالب الإبراهيمي الذي ترك وزارة التربية الوطنية للسيد عبد الكريم بن محمود. وقبيل التحاقه بإدارة الشعب كان يشرف على الصحيفة السيد بوعبد الله غلام الله وزير الشؤون الدينية الحالي، بصفة مؤقتة إذ استخلفه مديرها السابق السيد محمد سعيدي الذي التحق بوزارة التعليم العالي رفقة المرحوم محمد الصديق بن يحي، وكان السيد بوعبد الله الذي هو في الأصل أستاذ للفلسفة بإحدى ثانويات العاصمة يشتغل متعاونا بالقسم الثقافي... دون طقوس ودون بروتوكولات.. أتى الرجل النحيل ذو النظارات السميكة والشعر الأجعد يشوبه بعض البياض ويخيّل للذي يراه لأول وهلة أن الرجل فنانا أو فيلسوفا.. دخل المكتب ونصّب نفسه بنفسه وبالنسبة لصحفي شاب مبتدئ بالقسم الداخلي أو القسم الوطني كما نسميه، إن كان الوجه جديدا، فإن الاسم ليس غريبا إنه منقوش في وجدان طفل سمع مرات هذا الاسم وذلك الصوت في قريته التي كان يومها المجاهدون وكان معهم ذلك الصندوق الذي يلصقون به سلكا طويلا فينطق أنه ئسش وتشاء الصدف أن أكون مسجلا بكلية الحقوق ويكون هو الآخر مسجلا فيها. لحد الآن لا أدري الدافع الذي جعل الرجل يقربني إليه، ولكن أود أن أقول أن الصبي الذي كنت وحيوية الشباب، بالإضافة للحماس جعله يشجعني وأصبح يثق بي كثيرا... والرجل كان شديد التحفظ وكان لا يستقبل كثيرا ما عدا القلائل من الأصدقاء، وقد خصص لي طاولة وكرسيا في نفس مكتب السكرتارية يكلفني باستقبال بعض زواره. في زمن إدارته لـ الشعب رغم قلة الموارد والإمكانيات، ذاع صيت الجريدة وأصبحت في نفس مستوى الإعتبار مع المجاهد اليومية التي كانت تعتبر شبه رسمية وكثيرا ما كانت تعاليق الجريدة وافتتاحياتها في كل القضايا تعتبر مرجعا للمواقف وتسارع الوكالات الأجنبية لترجمتها والإستدلال بها، وكانت كل السفارات الغربية تقتني الشعب عن طريق الإشتراك. في عهد المرحوم عيسى مسعودي تم إصدار ملحق أسبوعي تحت عنوان الشعب الثقافي وكان يشرف عليه الروائي الطاهر وطار رحمة الله عليه ولا... أجانب الحقيقة إن قلت أن كل أدباء وشعراء السبعينيات كانت الشعب و الشعب الثقافي مجالا مفتوحا أمامهم للنشر وللنقاش الذي كان محتدا وعميقا. لم يكن الرجل وطنيا فحسب، بل كان متطرفا في وطنيته وكان يعيش للجزائر متفاعلا مع حيوية تلك المرحلة، إذ أكرر بيت الخنساء أنهي هذه العجالة بعنوان إحدى روائع المرحوم مالك حداد: رصيف الأزهار لم يعد يجيب  صوت الجزائر هل ذهب صداه؟
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)