القسم بغير الله, في أي مكان, وفي أي موقف مهما كان بسيطا قد يعتقد البعض أنه بسلسلة القسم تلك قد يثبت صدق حديثه, ولكن الحلف أصبح وسيلة سهلة للكثيرين حتى أصبحت عادة لا تفارقهم, ولكن ما الذي عزز هذه السلوكات, وهل يدرك أصحابها أنها محرمة إن لم نقل أنها كفر؟
ما لا يختلف فيه اثنان هو تفشي عادة القسم بالله في أبسط الأمور ولأتفهها, ولم تقتصر على الكبار فقط, بل انتقلت إلى الصغار أيضا, وفي هذا الصدد يقول محمد, 40 سنة: «صحيح, أننا نقسم بالله كثيرا, ولكن هذا ليس عن سوء نية, وإنما الحلف هو الوسيلة التي قد نثبت بها براءتنا من تهمة أو نؤكد صدق حديثنا, وبالتعود أصبح القسم متداولا على ألسنتنا».
قد لا تستدعي بعض المواقف أن يقسم الفرد بربه أو بغيره, ولكن البعض يبادر بذلك جهلا منه أو عادة متأصلة فيه, يقول رفيق, 27 سنة: «لا يكاد يخلو حديثنا مهما كان الوسط الذي نتواجد فيه من الحلف, وهذا شيء عادي جدا بالنسبة إلينا نحن الشباب, قد نقسم لمجرد مباراة في كرة القدم أو خلاف بسيط أو أن نحاول أن يصدقنا الجميع, ولو أدرك البعض أنهم يكذبون بذلك».
القسم بغير الله هو أيضا من السلوكات السلبية المسجلة, فهذا يقسم بأعز عزيز عليه أبيه كان أو أمه أو حتى جده ويعتبرون هذا عرفا تعودوا عليه, في حين يؤكد بعضهم أنهم لا يدركون أن هذا النوع من القسم محرم, تقول إلهام, 35 سنة: «كنا نسمع جداتنا وأمهاتنا يقسمن بأفراد من عائلتهن وخاصة المقربين منهم, فجدتي مثلا كانت تقسم وهي تهدد برأس جدها, وإذا قالت ذلك فنحن على يقين تام أنها صادقة فيما تقول وستطبقه لا محالة».
هذا, ويعتبر بعض الأفراد أن قسمهم بالعزيزين عليهم هو نوع من التقديس والذكرى والوفاء لهم, حيث يربطونهم بقيم الصدق, وهذا يكون بطريقة عفوية منهم, وإذا ما نبهوا لذلك, أكدوا أنهم لا يعلمون مدى جواز ذلك, وحتى وإن علموا فهم لا يستطيعون التخلي عن هذه العادة بسهولة, تقول الزهرة, 60 سنة: «لما كنت صغيرة, كنت أقسم كثيرا بالمرحوم أبي ولا أقسم به إلا وأنا صادقة, ولكن لما كبرت صرت أدرك جيدا أن ذلك محرم, وذلك لما كنت أحضر الحلقات الدينية وأسمع للخطب التي تنهانا عن ذلك, فبدأت أتخلى عن هذه العادة تدريجيا, بل وأنبه أفراد عائلتي لذلك».
وما يعزز هذه السلوكات, هو أنها عامة والجميع يرددها, ما جعلهم يعتقدون أنها أمر عادي جدا ليتناقلها الأطفال بدورهم, كونها إحدى العادات الراسخة في أنماط التربية الخاطئة التي قد ينقلها الأولياء لأولادهم عن غير قصد منهم, تقول أم أنيس: «كنت أنهى أولادي عن الحلف, إلا وهم صادقين, وأخيفهم أن من يحلف كذبا سيدخله الله في النار, وكانت هذه الوسيلة لكشف كذبهم, ولكنهم تعودوا على القسم, وأصبحوا يقسمون بالله وبغير الله, ولأتفه الأسباب, وهذا ما لم أستطيع تغييره».
إذا حلفت فاحلف بالله وأنت صادق
وفي نفس السياق, أستنكر الشيخ السعدي إمام مسجد, ظاهرة القسم بغير الله, والحلف كذبا, وقال أن نقص الوعي الديني هو السبب وراء تفشيها, مستدلا بذلك بالأقوال, عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وعمر يحلف بأبيه فناداهم رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم, فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت». وفي رواية لأبي داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا إلا بالله إلا وأنتم صادقون». هذا وأكد محدثنا أن التذكير بمختلف الآيات والأحاديث من شأنه أن يقلل من ظاهرة الحلف العفوي.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/12/2011
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة
المصدر : www.essalamonline.com