الجزائر

عندما ندوس على الذاكرة ولا نوقر شهداءنا زاوية حرة



يبدو أن الجزائر هي المتميزة بأنها استطاعت أن تنظر إلى تاريخها نظرة إجلال، ومع هذه النظرة قدر لها أن تعد شهداءها الذين سقطوا في آخر ثوراتها التي استمرت على مدى مائة وثلاثين سنة فقالت بأنهم مابين المليون والمليونين وأصبحت الجزائر تسمى بلد المليون ونصف المليون من الشهداء أو بلد المليونين أو بلد ملايين الشهداء، بحيث أن الجزائريين يتذكرون جيدا ومع الذكرى فإنهم يستعيدون وعيهم ويجلون ذاكرتهم ويستلهمون التاريخ لشحن العزائم وتجديد الهمم احتياطا من تقلب الأيام، ولكننا إذا ما نظرنا إلى فلسطين التي فقدت منذ سبعين سنة أو منذ قرن من الزمن ملايين الشهداء، فإننا نرى أنها لا تستحضر تلك الذكرى كما فعلت الجزائر، وإذا كانت الجزائر قد ناضلت بدعم عربي وأممي بمفردها فإن فلسطين أشركت العرب وكل الأقطار المحيطة بها فكانت حربها مع العدو أكثر شراسة وكانت جراحها الممتدة إلى الأشقاء أكثر عمقا، غير أننا ومنذ أن غطس ياسر عرفات في مستنقع التفاوض وتجاوزه إلى الاعتراف المبكر وغير المبرر، فقد تمكن من خلط الأوراق وتبليد الذاكرة الفلسطينية فالفلسطينيون يجهلون عدد الشهداء الذين ضمخوا بدمائهم أرض فلسطين وهم لذلك لا نراهم يحصرون العدد بمليون أو مليونين أو ثلاثة، دون أن ندري السبب في الوقت الذي درجت فيه قياداتهم على استجداء أي حل بعدما استمرأوا كراسي السلطة المهزوزة والعروش الخشبية وراحوا يقدمون التنازل تلو التنازل حتى لم يعد لهم من الذاكرة شيئ لدرجة أن محمود عباس أعلن التنازل عن حق العودة بطريقة ملتوية عندما قال بأنه لن يعود إلى صفد، وقد تنازل عن حقه الشخصي في العودة إلى بلده متناسيا أنه وهو على رأس السلطة لم يعد يمثل نفسه، واستمرت إسرائيل ومن معها من العرب وغير العرب في عملية الإبتزاز حتى بتنا لا نتحدث إلا عن المستوطنات وحدود ال67 وقد تبلدت الذاكرة بل ماتت حتى باتت لا تتذكر شيئا من فلسطين إلا رام الله وغزة هذين الجزئين اللذين لا يمثلان أكثر من سبعة بالمائة من أرض فلسطين، والمفاوض الإسرائيلي إذن هو اليوم في أحسن حالاته بعدما شعر بتعاطف كل البلدان العربية معه خاصة تلك التي تقيم معه علاقات دبلوماسية وما هو أبعد من ذلك، فأخذت تلوح بيهودية الدولة وما يسمى الأرض مقابل السلام وغدا تتخلى إسرائيل عن المستوطنات لتكون مساكن لفلسطينيي ال48 وتقوم على أرض غزة والضفة دولة هزيلة أو شبه دولة منزوعة السلاح وتحت المراقبة الصهيونية، فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)