الجزائر

عندما تفقد المحكمة هيبتها بتصرفات طائشة سلوكات تربك القضاة وأخرى تعرض أصحابها للعقاب


عندما تفقد المحكمة هيبتها بتصرفات طائشة سلوكات تربك القضاة وأخرى تعرض أصحابها للعقاب
تتصف المحكمة عادة بالوقار باعتبارها مكانا لتطبيق القانون ومعاقبة الظالم وإنصاف المظلوم، غير أنه في الكثير من الأحيان يخرج البعض عن هذا النطاق، فكثيرا ما تصدر تصرفات طريفة وأخرى مشينة تخدش هيبة هذا المكان وتقلل من احترام هيئة المحكمة، حيث تصدر عن بعض المتهمين والضحايا وحتى من ذويهم الحاضرين للجلسات، احتجاجات وتصرفات غير لائقة تسيء إلى مكانة المحكمة وتعرضهم للعقاب.
لا تروق للكثير من المتهمين الأحكام التي تصدر من قاضي المحكمة، والتي يواجهونها ببعض الردود التي تكون منافية للقانون الذي يفرض الوقار والهيبة لهذه الهيئة، وأول ردود الفعل التي يبدونها شتم القاضي بأقبح الألفاظ وتحميله مسؤولية حبسهم، ليستدعي ذلك توقيف الجلسة وتقديم المتهمين لوكيل الجمهورية، لتتم محاكمتهم مرة أخرى عن جنحة إهانة هيئة قضائية أثناء تأدية مهامها.
وعكات صحية تعطل النطق بالحكم وتطبيقه
لا يقتصر التأثر بالأحكام القضائية على السجناء فحسب، وإنما لأقاربهم نصيب من ذلك، خاصة الأولياء الذين يتعرضون لنوبات هستيرية وحالات إغماء فور نطق القاضي بالأحكام، وفي بعض الأحيان قبل ذلك، حيث تشهد محكمة عبان رمضان يوميا حالات مثيرة تنتهي في بعض الحالات بحضور سيارات الإسعاف لنقل المتوعكين، لاسيما الوالدين المتأثرين بأحكام أبنائهم، على غرار شابة حضرت جلسة محاكمة شقيقها، وبعد أن سمعت الحكم الذي أدانه ب 3 سنوات حبسا نافذا انفجرت بالبكاء بشكل هيستري أغمي عليها إثره، ما أثار ذهول الحاضرين، بمن فيهم القاضي، الذي طلب من رجال الشرطة الحضور طلب العناية الطبية المستعجلة لها. وفي قضية أخرى ذرفت لها دموع كل الحاضرين وتأثرت بها هيئة المحكمة، شيخ وعجوز طاعنان في السن حضرا الجلسة التي تمت فيها محاكمة ابنهما الوحيد، أدين بالسجن بتهمة حيازة سلاح أبيض واستعماله، حيث انفجر العجوزان بالبكاء، وكان صعبا على القاضي رؤية دموع ذلك الشيخ الذي كان يبكي بحرقة على فلذة كبده، وما كان منه إلا أن استدعاهما وتحدث إليهما، وطلب منهما اتخاذ إجراءات أخرى كالمعارضة.. غير أن العجوز فاجأتهم بصعوبة حادة في التنفس تطلبت التدخل الطبي العاجل.
تنازلات عن الحقوق تربك القضاة
يتنازل ضحايا في أغلب القضايا عن حقوقهم ويسقطون شكواهم أمام القاضي، رأفة بالمتهمين من ذوي القربى في الغالب، لاسيما في قضايا التعدي على الأصول، فليس من السهل على الأولياء تسليم فلذات أكبادهم للعدالة، التي إن أنصفت فلن ترضي غريزتهم الأبوية. كما يقوم بعض الجيران والأحباب المتخاصمون بالتنازل عن الشكاوي لمصلحة بعضهم البعض في أغلب الأحيان. ويرفض العديد المطالبة بالتعويض المادي رأفة بحالة المتهمين وذويهم، تطبيقا لمبدأ “الصلح خير”، الأمر الذي يربك القضاة في طريقة التعامل مع القضية المطروحة.. الموقف الذي حصل مع أحد المتهمين بضرب وسب الأصول، والذي عفا عنه والده في آخر دقيقة قبل النطق بالحكم، ما وتّر القاضي الذي استاء من الأمر، منوها خلال حديثه مع الحضور أن مثل هذه التصرفات هي التي تزيد من تفاقم ظواهر اجتماعية خطيرة كهذه، مؤكدا في ذات السياق أن من لا ينال جزاء أفعاله سيعيد الكرّة في الغالب، بعد اطمئنانه بنجاته من العقاب.
ألفاظ لا تليق بمكانة القاضي
لا يبدي العديد من المحبوسين أي احترام ولا التزام لهيئة المحكمة، فلا الهيئة ولا الوقفة ولا السلوكات والأقوال تمت للمحكمة بصلة، فبعضهم يتحدثون بصوت عال وآخرون يقدمون على طرح أسئلة على القضاة بكل عشوائية، ومنهم من يحدث القاضي بأسماء وكأنه يتحدث لصديق له في الشارع على غرار “حبيبنا”، “يا خو”، وغيرها من الألفاظ التي تغضب القضاة وتجبرهم على اتخاذ إجراءات ردعية وأخرى عقابية، وتوجيه إنذارات لفظية كأضعف الإيمان. ومن بين هؤلاء شاب كان يقول لقاضي الجلسة في كل مرة “يا خويا أنا ما درت والو” وتارة أخرى يقول له “فهمت حبيبنا”. ولم يسلم وكيل الجمهورية هو الآخر من العبارات التي تقلل من احترامه، حيث قال أحد المتهمين في إشارة منه لممثل الحق العام “أنت لي راك قاعد لتم”.. وهي عبارات توحي بقلة الاحترام، التي يعاقب عليها القانون بشكل صارم لا رجعة فيه.
.. ومحامون يشعلون نار الفتنة
لا يقتصر الشجار والعراك في المحاكم على المتهمين والضحايا فحسب، بل يتعداه إلى المحامين الموكلين بالدفاع عنهم أيضا، ففي بعض القضايا يدافعون جنبا إلى جنب ويتحدون للدفاع عن موكلهم، وفي قضايا أخرى يقفون ضد بعضهم ويحاول كل واحد منهما إثبات حق موكله، وغالبا ما تخرج الأمور عن السيطرة ويتحول الأمر من دفاع إلى صراع، يوجهون فيه لبعضهم عبارات مشينة، وينسحب البعض بسبب تطاول زملائهم، وكثيرا ما يضطر القاضي إلى تهدئة الوضع ويطلب من الطرفين احترام هيئة المحكمة، وفي أحيان كثيرة إلى التدخل بفرض عقوبات على المتجاوزين.. الأمر الذي يرويه كمال، الذي وكّل محاميا للدفاع عنه في قضية تقاسم الإرث، ليضطر فيما بعد لتغيير المحامي بعد أن تعرض السابق إلى توقيف ظرفي عن أداء مهامه من قبل القاضي، بعد أن أثار ملاسنات كلامية حادة مع محامي الطرف الآخر.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)