السعودية ودول الخليج كانت بحاجة لحرب لتستعمل ترسانتها من الأسلحة المكدسة من عشرات السنين، وهكذا تسمح لمصانع السلاح في أمريكا والغرب أن تشتغل من جديد وتحسن من مردوديتها، بعدما تراجعت أرقام أعمالها لأن الحكومات الغربية لم تعد تخصص ميزانيات للتسليح، وبعدما ابتكرت أمريكا وحليفاتها طريقة جديدة للتدخل في البلدان، بزرع إرهاب منها وفيها يدمرها ويخدم السياسة الأمريكية دون أن تصرف أمريكا فلسا واحدا.نعم للشرعية في اليمن، لكن الحوثيين جزء من المعادلة السياسية والاجتماعية في اليمن، وكان حريا بالعرب دعم حوار يمني يمني دون اللجوء إلى هذه المسرحية “البايخة”، وإلى كل هذا الدمار في اليمن الذي يعاني من دمار الفقر والفرقة وويلات حرب أهلية لم تنته منذ أكثر من خمسة عقود. دول الخليج الثرية الفرحة بترسانتها من السلاح بملايير الدولارات التي تصبها منابع النفط في ميزانيتها ومن أموال الحجيج بالنسبة للسعودية، والتي تتخوف اليوم من كمشة من الحوثيين وترى فيهم الخطر الذي يهدد المنطقة على حد تعبير ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، سبق ورفضت عضوية اليمن في مجلس تعاون دول الخليج، وكانت السعودية أول من عارض دخول اليمن نادي الأثرياء هذا، لأن اليمن فقير ولا يمتلك الثروات ولا النفط. وتركت اليمن عرضة للمجاعة والحرب الأهلية، لمجالس القاط الذي يلوكه أهلها. السعودية أرادت لليمن أن يبقى حديقتها الخلفية ومسرحا لصراعاتها مع الغير، سابقا مع مصر ناصر واليوم مع إيران والشيعة.أليس الفقر هو أكبر مهدد لأمن البشرية؟ ماذا لو خصصت المملكة جزءا من ميزانية سلاحها التي قاربت ال100 مليار دولار وجزءا من أموال الحج التي هي بيت مال المسلمين لفقراء اليمن وانتشلتهم من معاناتهم؟ أليس هذا أفضل طريقة لسد الطريق أمام المد الشيعي الذي يدعي اليوم المتآمرون على اليمن أنهم يحاربونه ويقطعون السبيل أمام أطماعه التوسعية؟!لا أؤيد النظام الإيراني فهو مثل السعودي عقبة أمام تطور شعوبنا، لكن شتان بين من ينتج سلاحه وغذاءه ويكوّن العلماء ويغزو الفضاء، وبين من يخضع الأمة الإسلامية إلى إرادة إسرائيل وأمريكا، ويتأمر على فلسطين، مثلما تآمر على سوريا وقبلها العراق وليبيا.لو كانت السعودية حقا تتخوف من المد الشيعي، لماذا حاربت صدام وهو الذي وقف من أجلها في وجه إيران وشجعته مع حليفتها أمريكا على غزو الكويت، وها هو العراق المدمر يرتمي في حضن إيران. لا أقول هذا دفاعا عن صدام، فهو الذي فعل ببلاده ما فعل وباعتدائه على الكويت جنى على كل المنطقة، وفتح الطريق أمام التدخل الأمريكي في المنطقة، وانتشرت القواعد في الخليج وتحول إلى خليج أمريكي، انسلخ نهائيا عن الخيارات القومية.أمس شن سعوديون حربا افتراضية على الجزائر عبر مواقع التويتر والفايس بوك، لأن الجزائر رفضت المشاركة في غزو اليمن الذي تقوده بلادهم بحجة الدفاع عن الشرعية وقطع الطريق أمام إيران الشيعية، واتهموا الجزائر بالتآمر مع إيران على سنة المنطقة، فبأي حق يريدون من الجزائر أن تقف إلى جانب المملكة، ونحن لولا الأماكن المقدسة لما كان لنا معها ما نتقاسمه.أليست المملكة حليفا عسكريا للمغرب ومدته بالسلاح والطائرات، وهي تعرف أن ليس له من مخاطر أمنية غير أطماعه في الأراضي الجزائرية وغير ما يكنه لنا من عداء؟ فكيف لنا أن نقف مع من يقف مع من يخطط لاحتلال جزء من ترابنا؟!الآن اتضحت الصورة، ولا أستبعد أن تخوض المملكة في القريب اعتداءً على بلادنا بحجة مناصرة حليفتها المملكة المغربية، إذا ما نفذت هذه الأخيرة تهديداتها ضد بلادنا، وحاولت تحقيق أطماعها واحتلال ما تدعي أنه أراض مغربية في تندوف وبشار.المضحك المبكي أن السودان الذي مازال لم يغسل عاره من دارفور، ما إن زال خطر متابعة البشير الدولية، حتى راح يساند المملكة في اعتدائها السافر على اليمن. وحفتر الذي لم ينجح في حل أزمة بلاده ومتهم بالتآمر على الشرعية أعلن هو الآخر مشاركة المتآمرين على اليمن.أليست هذه فضيحة بكل المعايير عندما يوجه عرب سلاحهم ضد عرب مثلهم، أليس عارا أن يقتل أطفال أبرياء بسلاح اقتنته المملكة بأموال الحجاج المسلمين؟! كل يوم نكتشف أننا حجر عثرة في طريق الإنسانية، وأن سياسة أمراء الخليج خطر على شعوب المنطقة، وأن المملكة اليوم هي رأس الحربة لتهديم الشرق الأوسط، وليس لبعث شرق أوسط جديد.ثم إن الخطر الوهابي أكبر بكثير من الخطر الشيعي على الإسلام وعلى الشعوب على حد السواء.إيران هي العدو اليوم حسب ما يقال في شرم الشيخ، بينما إسرائيل دولة صديقة يتسابق الجميع لإرضائها؟!وللحديث بقية...
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/03/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com