عن النائب السبيسيفيك!

لما ابتكرت بريطانيا العظمى وقبلها قرطاج سليلة الفينيقيين النظام البرلماني، كان ذلك بهدف تهذيب الصراعات السياسية وإدخالها من الشارع إلى مبنى البرلمان، حتى يدار النقاش في جو ديمقراطي وحضاري.لكن يبدو في الجزائر، ومنذ الانفتاح الديمقراطي ”المؤمم”، أدخل من يسمونهم اعتباطا نواب الشعب، الشارع إلى البرلمان بمزابله وليس النقاش، وإلا بماذا يمكن أن نصف ظاهرة ”سبيسيفيك” الصوتية هذه؟يلوم البعض نواب البرلمان، كيف لا يساندون ويتضامنون مع هذا النائب الذي عاقبه رئيس البرلمان السيد ولد خليفة بمنعه من أخذ الكلمة والنقاش في ست جلسات علنية، بعد أن اشتكاه الوزير الأول، بسبب شتمه لوزير الصناعة عبد السلام بوشوارب.فلنفتح النقاش بطريقة حضارية بعيدا عن العاطفة واستغلال الماضي الثوري عن حق أحيانا وغير حق في أحيان كثيرة.فهل عبد السلام بوشوارب إن كان ابن حركي حقا مسؤول عن تاريخ والده؟ أو فلان ”اللقيط” مسؤول عن خطأ والديه؟لا أدافع عن بوشوارب، لكن الطعن في الأشخاص لا يليق بشخص يتكلم بلسان الشعب. وكان على ”السبيسيفيك” أن يحاسب بوشوارب الوزير عن قطاعه، وكيفية تسييره للقطاع، فيما أخطأ وفيما أصاب، أو عن ورود اسمه في أوراق بنما، والكيفية التي أخرج بها الأموال، هل كانت قانونية أم لا، أو مصدرها؟ وهي أسئلة مشروعة لو اكتفى بها نائب الشعب.أما أن يطعن في شخصه بسبب خطأ أو خيانة والده مع التحفظ على هذه الصفة، في غياب أدلة، فهذا خطأ فادح من رجل يجلس في كرسي المشرع، ومن المفروض أن يراعي حدود القانون في كلامه، وأن يلتزم في نقاشه بما يخدم الصالح العام، وليس التسويق لصورة نفسه التي يبدو أنها أعجبته وهي متداولة للتنكيت والمزاح عبر مواقع التواصل الاجتماعي.أليس هذا النائب ح'ار النساء، هو من ضرب موظفة وكالة المياه في بلدته، لأنها جاءت تطالب بمستحقات المؤسسة لدى مصنع الألبان الذي يمتلكه؟ ثم ماذا عن الحركى الجدد؟ ألم يتحول مجاهدون وأبناء مجاهدين وشهداء إلى حركى جدد؟!ألهذا الحد وصل النقاش في البرلمان الجزائري؟ إلى مسرحية سمجة؟الغريب في الأمر أن هناك من يريد أن يجمع القبلية والعشيرة البرلمانية حول هذا النائب مثل حمية الجاهلية، للدفاع عنه والتضامن معه، ضد عقوبة هي في الحقيقة أقل ما كان يجب أن يعاقب به لإهماله الدفاع عن مصالح من يمثلهم ويهدر وقته ووقت البرلمان في تهريج لا ينفع!لكن ماذا ننتظر من برلمان الشكارة؟!