الجزائر

عميد الشريط المرسوم في الجزائر محفوظ عيدر لـ''الخبر'' لم أكن ضد الإسلام لكن يستحيل عليّ الوقوف إلى جانب القتلة



انتقد الرسام محفوظ عيدر، الملقب بعميد الشريط المرسوم في الجزائر، عدم اهتمام الناشرين الجزائريين بالفن التاسع، قائلا في حوار مع الخبر ، إنهم ينظرون إليه بازدراء، ويعتبرون الكتاب المصوّر مجرّد ميكيّات . كما تطرّق لتجربة تأسيس أول جريدة جزائرية متخصّصة في هذا المجال بعنوان المنشار . حدّثنا عن تجربة تأسيسك أوّل جريدة خاصّة بالشريط المرسوم في الجزائر؟  لطالما كانت لدي الرغبة، مع مجموعة من الزملاء، في إنشاء جريدة خاصّة بالشريط المرسوم، على غرار تلك الجرائد والمجلات الأجنبية التي كنا نحرص على متابعتها، بيد أن الظروف لم تسمح بذلك. وقد كانت الفرصة مواتية مع بداية مرحلة التعدّدية السياسية والإعلامية بعد أحداث أكتوبر 88، فأسّست مع ألماز وهارون وسيد علي ملواح وتماني جريدة المنشار ، وذلك في تاريخ 23 نوفمبر 1990 بالضبط. أعتقد أن الجريدة شكّلت رافدا هامّا لحريّة التعبير التي بدأت مع عدد من الجرائد المستقلّة، على غرار الخبر و الوطن . الجريدة رفعت من سقف تلك الحرية، فقد كانت أوّل نشرية متخصّصة في الكاريكاتير والشريط المرسوم، وكان لها السبق في تجسيد الرؤساء والشخصيات السياسية بالكاريكاتير، وتوجيه سهام النقد اللاذع والساخر لهم، بالرسم أو بالكتابة. كيف عشتم، كرسّامين، مرحلة العشرية السوداء؟  مرّت الجريدة بعصر ذهبي وصل فيه عدد نسخها إلى 200 ألف في ذلك الوقت. بيد أن الأمر لم يستمرّ على المنوال نفسه. فبعد انفجار العنف، وجدنا أنفسنا في موقف لا نُحسد عليه. كان دورنا الأساسي يتمثّل في توعية الناس بحقوقهم، وانتقاد المسؤولين الذين لا يقومون بواجباتهم ولا يحترمون المواطن، لكن بلمسة ساخرة، تجعل من همومنا اليومية مادّة للضحك. لكن الأمر اختلف الآن، حيث بات الموت يخيّم على كل مكان، ولم يعد بإمكاننا الاستمرار كما بدأنا، إذ لم نقبل أن نتّخذ من الموت مادّة للضحك، لأن في ذلك خيانة لشرف المهنة، ولأنفسنا أوّلا.  لكنّكم عبّرتم عن رفضكم العنف؟  كان علينا اتّخاذ موقف سياسي، والاختيار بين السلطة أو الإرهاب، فاخترنا الأولى، رغم قناعتنا بأنها سلطة غير ديمقراطية، لأنه لا يمكن أن نكون ضدّهما معا. لم أكن ضدّ الإسلام، لكن يستحيل عليّ الوقوف إلى جانب القتلة، ضدّ الشرطي أو الدركي الذي يوفّر لي الحماية. يُمكن لك القول إنه كان انحيازا للوطن. وقد دفعنا ثمن ذلك، حيث قُتل إبراهيم قروي على أيدي الجماعات الإسلامية المسلّحة في أكتوبر 1995 فتوقّفت الجريدة لمدّة ثلاثة أشهر. نحن بشر في النهاية، والرسّام فنان رقيق وهشّ، ولم يكن بمقدوري حمل الريشة لأرسم بعد أن فقدت صديقي ورفيق دربي طيلة ثلاثين عاما. عادت الجريدة بعد ذلك للصدور، إلى أن توقّفت عام 1997 بسبب ظروف مادية. كيف كانت علاقتكم بالسلطة؟  كانت العلاقة تنطلق من قناعتنا بأن الحرية لا تمنحها السلطة، لأن مليونا ونصف مليون شهيد دفعوا حياتهم ثمنا لاسترجاعها، وكانت الحرية بالمقابل مبنية على المسؤولية. ما هي رؤيتك لواقع الشريط المرسوم في الجزائر اليوم؟  ثمّة اهتمام كبير لدى الأجيال الجديدة بالشريط المرسوم، وقد تم اكتشاف عدد كبير من المواهب الواعدة، بفضل المهرجان الدولي الذي بات يشهد إقبالا من مختلف أنحاء العالم. لكن أين هم الناشرون الجزائريون الذين بإمكانهم احتضان هذه المواهب وإطلاقها؟ من المؤسف أن هؤلاء ينظرون للفن التاسع بازدراء، ويعتبرون الكتاب المصوّر مجرّد ميكيات للأطفال، رغم أنهم يشترون الكتاب القادم من الخارج. أين هي المجلات والجرائد المتخصّصة في هذا المجال؟ ثمّة مجلّة واحد، وهي لا تكفي لثلاثة وثلاثين مليون جزائري.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)