الجزائر

عمر فطموش مطمئن على حال المسرح الجزائري:‏دعم الدولة فتح أبواب الفنون والإبداع




بين تفاؤل عبد ربه منصور هادي المرشح التوافقي لخلافة الرئيس عبد الله صالح على رأس قيادة اليمن بإمكانية خروج بلاده من عنق زجاجة أزمة سياسية حادة عاشت أطوارها طيلة عام كامل وتصريحات المبعوث الاممي إلى هذا البلد جمال بن عمر ''المتشائمة'' حول هذه الإمكانية يبقى الغموض قائما حول الطريق الذي ستسلكه اليمن بعد الانتخابات الرئاسية لنهار أمس. 
وأبدى هادي منصور الذي صوت في احد مراكز العاصمة صنعاء وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة تفاؤلا مفرطا عندما أكد أن موعد أمس شكل خطوة تاريخية على طريق إخراج بلاده من أزمتها السياسية حاثا اليمنيين على عدم تضييع فرصة إعادة بناء اليمن على أسس أكثر صلابة.
ولكن تصريحات جمال بن عمر حتى وإن أكد أن الانتخابات تبقى حدثا ''تاريخيا'' إلا انه لم يخف تشاؤما حول صعوبة الوضع في هذا البلد بما قد يبقى مستقبل ''اليمن السعيد'' متأرجحا بين فرضيتين تؤكد أولاها أن اليمن وضع فعلا قطار الإصلاحات على سكتها الصحيحة هذه المرة وبين فرضية ثانية مازالت تبدي تحفظات بإمكانية تحقيق مثل هذا المكسب السياسي.
وقال جمال بن عمر أن انتخابات أمس لم تكن سوى بداية لمسار صعب محفوف بالعراقيل سينتهي بتطبيق بنود اتفاق الرياض الذي سمح لليمنيين بتفادي الوقوع في دوامة الحرب الأهلية. وقال إن اليمن يواجه مخاطر كبيرة بسبب انعدام الثقة بين مختلف أطراف المعادلة السياسية اليمنية وتدهور الأوضاع الأمنية وغياب الدولة في العديد من مناطق البلاد.
ولكن إقبال الناخبين اليمنيين على صناديق الاقتراع كان يمكن ان يشكل رغبة حقيقية لديهم من اجل جني ثمار ثورتهم التي أطاحت بنظام الرئيس علي عبد الله صالح وتحقيق الانتقال الديمقراطي لولا الاضطرابات التي شهدتها المحافظات الجنوبية والشمالية التي خلفت سقوط أربعة قتلى وأكدت أن الأزمة أعمق واكبر أن تحل من مجرد تنظيم انتخابات رئاسية تأكد أنها لن تكون الوصفة السحرية ليمن يريد شعبه أن يكون سعيدا بحق.
ولم تتأخر حركة انفصاليي الجنوب في تنفيذ وعيدها بمقاطعة الانتخابات وعرقلة تنظيمها عندما هاجم مسلحون عنها مكاتب التصويت في مدينة عدن العاصمة السابقة لليمن الجنوبي وأرغموا العاملين فيها على إغلاقها. ورغم أن هذه الانتخابات تبقى رمزية لأنها ستكون مجرد تزكية لشخص منصور هادي نائب الرئيس عبد الله صالح للاضطلاع بمهام الإشراف على المرحلة الانتقالية التي ستمتد على مدى العامين القادمين إلا أن ظروف تنظيمها ومدى تجاوب اليمنيين معها سيكون بمثابة ''البارومتر''  الذي يمكن اعتماده لقياس مدى إمكانية تحقيق أهداف شباب الثورة اليمنية وما إذا كانوا سيكرسون فعلا عملية الإطاحة بنظام الجنرال علي عبد الله صالح والبدء في بناء بديل ديمقراطي في بلد تصنفه الأمم المتحدة في أعلى قائمة الدول الأكثر فقرا في العالم.
وهي القناعة التي عبرت عنها توكل كرمان الشابة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام للعام الماضي التي قالت إن انتخابات أمس كانت ''عرسا لليمنيين لأنها كرست رحيل نظام علي صالح ووضعت حدا لكل مظاهر الاستبداد والتسلط''.

أثار الفنان المسرحي عمر فطموش خلال نزوله أول أمس ضيفا على برنامج ''موعد مع الكلمة'' بنادي الإعلام الثقافي بـ''الأطلس''، واقع وآفاق الحركة المسرحية في الجزائر، متنبئا لها بمستقبل واعد نتيجة الحراك الذي تعيشه اليوم خاصة من جيل الشباب...
في استعرضه لتاريخ الحركة المسرحية بالجزائر، أشار فطموش الى أن ذلك بدأ مع زيارة جورج الأبيض للجزائر وتقديمه لعدة عروض بباب الوادي في بداية القرن الـ ,20 حيث كان  ما حمله هذا المسرحي العربي نماذج من المسرح الكلاسيكي الغربي (خاصة الإيطالي)، ومن هنا اكتشف الجزائريون فن المسرح، لكن ما لم يلتفت إليه الجزائريون حينها، أن تراثهم الشعبي يختزن الكثير من الفنون المسرحية والإيحاءات الفنية، لكنها لم توظف وبقيت مجرد تراث فلكلوري، وقد استمرت هذه الغفلة نتيجة عدم الاهتمام بالتراث الوطني، في حين عمل الاستعمار على إجراء دراسات معمقة وبحوث خاصة حول هذه الفنون الجزائرية وذلك منذ الثلاثينيات من القرن الماضي، فقد سلط الضوء على انواع الرقص الشعبي وأدائه المسرحي وعلى فن القراقوز واستعراضات يناير والفرحة وموسيقى الراب الترقية وغيرها وبالتالي استغلها لصالحه.
اعتمد المسرح الجزائري - حسب المتحدث -  على المسرح الكلاسيكي الغربي منذ عهد جورج الابيض، على الرغم من ان التراث الجزائري والمغاربي غني بالطقوس المسرحية، ليجد نفسه يقع في نفس الانسداد الذي يعيشه اليوم المسرح الغربي الذي استنفد كل وسائله ومرجعياته ويلتفت الآن الى ثقافات الغير.
تحدث فطموش عن النص المسرحي، مشيرا الى  انه خطاب مضاف إليه اللمحات التقنية كما تعرفه النظرية الأكاديمية، لكنه وبعد القرن الـ19  تحول المسرح بعيدا عن النص الأدبي وظهرت تقنيات جديدة  كالإخراج والسينوغرافيا وغيرها وبدأت قيمة النص تتراجع وتتجه اكثر نحو الفرجة (المرئي) ليظهر مصطلح »مسرح النص« و»مسرح اللانص«، كما ظهر مستشارون ينتقيهم المخرج لاقتباس عدة نصوص لمسرحية واحدة، الى أن برز مصطلح ''المؤلف المسرحي'' (الدراماتورغ) الذي يكتب النص المسرحي وهو ملم بتقنيات المسرح (الخشبة الأكسسوار، الستار، الأداء...). وأكد ضيف ''موعد مع الكلمة''، أنه لا يمكن لأي كان أن يكتب نصا مسرحيا وهو جاهل لتقنيات المسرح أو يمارس الأداء المسرحي.
من جهة أخرى، أشار المتحدث الى أن المسرح اليوم أصبح في مفترق الطرق نتيجة تغير القيم الفنية وتشتتها (المسرح المعاصر)، كما أصبح للخطاب المسرحي نفوذه بعد ان تبدد ت اللغة المسرحية ليصبح المرئي (الأداء) يعوض المكتوب، بمعنى أن استعراضا أو أغنية أو إيماءات قادرة على اختصار صفحات من نص مكتوب.
وعاد الضيف للحديث عن المسرح الجزائري مؤكدا أنه يعيش انتعاشا ملحوظا، مثمنا دعم الدولة له من خلال تمويل عديد المشاريع، وهو الامتياز الغائب في دول عديدة حتى المتقدمة منها، وقال فطموش »إن الجزائر اليوم في مرحلة بناء ينمو مع الممارسة والدعم«.
موضوع آخر توقف عنده فطموش مطولا يخص النقد المسرحي، الذي وصفه بأحد أهم دعامات النهضة المسرحية، بشرط اعتماده على الاحترافية والصراحة، إذ كلما كان النقد قويا كلما انعكس ذلك على الأداء المسرحي ونوعيته. مشيرا الى أن حركة النقد عندنا تكاد تكون غائبة سواء من حيث نقص النقاد المؤهلين او الصحافة المختصة، ناهيك عن غياب التكوين الجامعي، وبالتالي فإن متابعة العروض وتقييمها بعيدا عن الارتجال أو المجاملة أو الهدم، غائبة وهذا لا ينفي وجود نقاد مؤهلين لكنهم قليلون في الساحة.
وفيما يتعلق بالتكوين المسرحي، أشار فطموش الى أهمية ورشات التكوين المفتوحة خلال المهرجانات، إضافة الى دور المعهد الوطني للفنون الدرامية والمسارح الجهوية، لكن الشباب داخل الجزائر العميقة يطلب أكثر، من خلال استحداث معاهد جهوية  قصد الاستفادة من تكوين أكاديمي بعيد عن أي ''بريكولاج''.
عن الأعمال المسرحية الهابطة التي تستفيد من دعم ميزانية الدولة، أشار فطموش الى أن هذه  هذه الانتهازية سوف لن تستمر، لأن الدولة ممثلة في وزارة الثقافة عازمة على محاربة الظاهرة من خلال مراقبة الإنتاج المسرحي المدعم عن طريق التقارير والكشوفات الدقيقة، سواء فيما يتعلق بالإنتاج أو العرض.
المتحدث توقف أيضا عند تجربته كمؤسس للتعاونية المسرحية الخاصة »السنجاب« والصعاب التي واجهها كمستثمر مسرحي (ماديا)، ثم عن تجربته على رأس المسرح الجهوي ببجاية منذ 8 سنوات والدعم المادي المقدم من الدولة لتقريب المسرح الى شرائح المجتمع، خاصة بالقرى النائية التي تنقل إليها المسرح بأموال الدولة. ونفى فطموش أية رقابة او ضغوط تمارسها الدولة على المسرح في الجزائر، وهذا من واقع ممارسته كفنان وكمسؤول.
مواضيع عدة تطرق إليها الضيف، منها مسرح الطفل، حيث أكد على ضرورة ادراج المسرح في المنظومة التربوية، كما توقف عند اهم الأشواط الذي قطعها المسرح الوطني منذ الثلاثينيات حتى اليوم.
اللقاء كان مناسبة أعلن فيها فطموش عن مسرحيته الجديدة التي لم يختر لها عنوانا بعد، وهي من إنتاج مسرح بجاية، تحكي تاريخ نضال القصبة من 1930 حتى الثورة التحريرية، باعتبار هذا الحي معقلا للثوار والمناضلين وسيتضمن العرض استعراضات فنية وغنائية.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)