بقلم: م. لواتي
مرايا الإصلاح..والفعل الواعد
ما من مؤمن، اتبع نبيا أو رسولا، اتباع الحق، إلا وتحمل عبء الدعوة من بعده .. والدعوة على بينة وبصيرة، هي قمة العمل الإنساني، والفعل البشري المنتج، وهي في النهاية عملية ارتقاء متواصل في سلم البناء الأخلاقي والإنساني .. ومن الواضح أن الدعوة لله، فضلا عن التسليم المطلق بالعبودية لله، تحتاج إلى علم مسبق، وتقيدها شروط مسبقة أيضا، تأتي بمثابة العصمة من الانزلاق صوب الابتداع أو الخوض تخمينا فيما هو معلوم من الدين، أو فيما هو متفق عليه، ولا يحتاج إلى قراءة ثانية، فهي إذن ليست سائبة وليست ساحة الوقوف عليها لكل الناس، إنها بالتأكيد بحيثياتها تبليغ للحق، وتطهير لما أصاب هذا الحق من غبار الزيغ ومن تيه الضلال، وهي أيضا شرح وفي، بأدلة قائمة على منهج، هو منهج الدعوة ذاتها، وتفسير لأوامر الله إباحة وتحريما.
والحال هذه، فإن العامل عليها يحتاج إلى ما تحتاجه الدعوة من إبصار وبصائر، ومرونة وحكمة، حتى لا تكون دعوة إكراه أو تغيير بما لا يغير في النفوس ولربما يزيدها عنادا فيما هي عليه من عصيان، فالحكمة غايتها، والإصلاح ناصيتها والشريعة المأخوذة من النص الديني جاءت كلها واضحة – وما خرج منها عن النص تأويلا أو جنوحا عن الحق – ليس من مفهوم الإصلاح في الأرض وتبيانه للناس ((ان أريد إلا الإصلاح ما استطعت)) وقد مارسها الأنبياء أولا، ثم أصحابهم، ثم الذين من بعدهم، ولا يزال سريانها قائما إلى أن تقوم الساعة. لقد كانت الدعوة للإصلاح في البداية – في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قائمة على محيط جغرافي ضيق، وعلى أناس قليلين ولكنها اليوم توسعت وتكاد تشمل القارات الخمس، بتفاوت في عدد الدعاة والأتباع، لذلك فإنها تحتاج إلى جهد إضافي، ومن ضمن هذا الجهد الإضافي معرفة اللغات الأكثر انتشارا، والإحاطة بالمحيط الذي تدور فيه الدعوة، ذلك أن معرفة أحوال الناس وطبائعهم جزء من الفهم للطريق الذي يجب اتباعه لتبليغ ما أمكن من حقائق الدين ومقاصد الشرع فيه.
وواضح من خلال مسيرة الإصلاح عند الأنبياء والمرسلين ومن عاصرهم من العلماء أن الخطاب الدعوي استند إلى قاعدتي العفو والتسامح، اسنادا يكاد يكون ركنا من أركان الشريعة، وبالتالي، فإنه لا يمكن اعتبار أي خطاب برموز دينية خطابا دعويا إذا خلا من شرائط الحكمة ولواحقها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/01/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : آمنة سماتي
المصدر : www.elhiwaronline.com