بإصدار مذكرة توقيف دولية ضد القذافي تكون المحكمة الدولية بصدد متابعة قائدين عربيين، في انتظار اصطفاف بقية الزعماء الآخرين. والغريب في الأمر أنه بالرغم من أن كل القادة والزعماء العرب، إلا من رحم ربك، قد تفننوا في خدمة مصالح الغرب على حساب شعوبهم الذين ذاقوا على أيديهم شتى أنواع المرارة والعذاب، إلا أنه مع ذلك لم تشفع لهم تلك الخدمات وها هم يخرجون من الباب الضيق يلاحقهم العار والخزي. نقول هذا عن القذافي الذي ادعى أنه ملك ملوك إفريقيا، لكنه عوض أن يستثمر أموال نفطه في خدمة القارة السمراء، بينت المعطيات أنه لم يخصص لإفريقيا سوى 6 ملايير دولار بينما استثمر أزيد من 60 مليار دولار لإنعاش مصانع فرنسا وبريطانيا وإيطاليا التي هي اليوم تريد إنهاء حكمه وطرده شر طردة.
وما يقال عن القذافي يصدق عن غيره من ملوك ورؤساء العرب الذين نهبوا موارد وأموال شعوبهم، من نفط وغاز وذهب، وقدموها على طبق من ذهب من أجل إرضاء أمريكا وأوروبا فقط من أجل البقاء في سدة الحكم ولا يغادروه إلا من القصور إلى القبور، ومع ذلك تحول أغلب هؤلاء القادة مثل علب الزبادي منتهية الصلاحية، وينتظر فقط أبسط مناسبة للرمي بهم في مزبلة التاريخ. فهل أيادي القذافي ملطخة أكثـر بالدم مما تلطخت به أيادي حكام إسرائيل الذين أبادوا مواطنين عزلا في لبنان وغزة وفلسطين، وفجروا آلاف البيوت على رؤوس ساكنيها من الفلسطينيين، ومع ذلك لم نسمع أن أوكامبو فكر مجرد تفكير في إصدار مذكرة توقيف ضد نتنياهو أو ليفني أو إيهود باراك أو حتى شارون، رغم أن ما جاء في تقرير غولدستون لا مجال لمقارنته مع ما اقترفه القذافي.
لن نتهم أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا على ظلمها، لأنها ظلت على مر التاريخ دولا ظالمة ولا تهمها سوى مصالحها التي تهرول لتحقيقها ولو تطلب منها ذلك الإطاحة بحكومات ديمقراطية أو تنظيم انقلابات أو شن حروب وتحريض شعب واحد ضد بعضه البعض، لكن اللوم كل اللوم على قادة آخر زمان، القادة العرب، الذين يعتقدون أن جلوسهم في حضن أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا أو حتى إسرائيل، يسند ملكهم ويطيل عمرهم ويحفظ ظهرهم من مطالب شعوبهم. لقد أثبتت الوقائع أن القائد أو الرئيس الذي يفقد ثقة شعبه ويخسر جبهته الداخلية يتحول إلى ما يشبه النعجة المكسورة تحوم حولها الذئاب والطيور الجارحة من كل حدب وصوب، لأنه ليس بمقدورها المقاومة.
h-slimane@hotmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/06/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : ح. سليمان
المصدر : www.elkhabar.com