الجزائر

علاج الغضب في السنة النبوية



علاج الغضب في السنة النبوية
الغضب نزغة من نزغات الشيطان، يقع بسببه من السيئات والمصائب مالا يعلمه إلا الله، ولذلك جاء في الشريعة ذكرُ واسع لهذا الخلق الذميم، وورد في السنة النبوية علاجات للتخلص من هذا الداء وللحدّ من آثاره، فمن ذلك:
- الاستعاذة بالله من الشيطان: عن سليمان بن صرد قال: كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجلان يستبّان، فأحدهما احمرّ وجهه واتفخت أوداجه (عروق من العنق) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله، سكن غضبه».
- السكوت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا غضب أحدكم فليسكت) رواه الإمام أحمد، وذلك أن الغضبان يخرج عن طوره وشعوره غالباً فيتلفظ بكلمات قد يكون فيها كفر والعياذ بالله أو لعن أو طلاق يهدم بيته، أو سب وشتم
- يجلب له عداوة الآخرين. فبالجملة: السكوت هو الحل لتلافي كل ذلك.
- السكون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)، وراوي هذا الحديث أبو ذر رضي الله عنه، حدثت له في ذلك قصة: فقد كان يسقي على حوض له فجاء قوم فقال: أيكم يورد على أبي ذر ويحتسب شعرات من رأسه؟ فقال رجل أنا فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقّه أي كسره أو حطّمه والمراد أن أبا ذر كان يتوقع من الرجل المساعدة في سقي الإبل من الحوض فإذا بالرجل يسيء ويتسبب في هدم الحوض، وكان أبو ذر قائماً فجلس ثم اضطجع فقيل له: يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت ؟ قال فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- حفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال لا تغضب. فردّد ذلك مراراً، قال لا تغضب رواه البخاري.
- معرفة الرتبة العالية والميزة المتقدمة لمن ملك نفسه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه أحمد، وكلما انفعلت النفس واشتد الأمر كان كظم الغيظ أعلى في الرتبة، فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقوم يصطرعون، فقال: ماهذا ؟ قالوا: فلان الصريع ما يصارع أحداً إلا صرعه قال: أفلا أدلكم على من هو أشد منه، رجلٌ ظلمه رجلٌ فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه رواه البزار.
- التأسي بهديه صلى الله عليه وسلم في الغضب: وهذه السمة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وهو أسوتنا وقدوتنا، واضحة في أحاديث كثيرة، ومن أبرزها: عن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم (ما بين العنق والكتف) وقد أثرت بها حاشية البرد، ثم قال: يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم فضحك، ثم أمر له بعطاء متفق عليه، ومن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم أن نجعل غضبنا لله، وإذا انتهكت محارم الله، وهذا هو الغضب المحمود فقد غضب صلى الله عليه وسلم لما أخبروه عن الإمام الذي يُنفر الناس من الصلاة بطول قراءته، وغضب لما رأى في بيت عائشة ستراً فيه صور ذوات أرواح، وغضب لما كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت، وقال: أتشفع في حد من حدود الله؟ وغضب لما سُئل عن أشياء كرهها، وغير ذلك. فكان غضبه صلى الله عليه وسلم لله وفي الله.
- معرفة أن رد الغضب من علامات المتقين: وهؤلاء الذين مدحهم الله في كتابه، وأثنى عليهم رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأعدت لهم جنات عرضها السماوات والأرض، ومن صفاتهم أنهم: {ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} وهؤلاء الذين ذكر الله من حسن أخلاقهم وجميل صفاتهم وأفعالهم، ماتشرئبّ الأعناق وتتطلع النفوس للحوق بهم، ومن أخلاقهم أنهم: {إذا ما غضبوا هم يغفرون}.
- التذكر عند التذكير: الغضب أمر من طبيعة النفس يتفاوت فيه الناس، وقد يكون من العسير على المرء أن لا يغضب، لكن الصدّيقين إذا غضبوا فذكروا بالله ذكروا الله ووقفوا عند حدوده، وهذا مثالهم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً استأذن على عمر رضي الله عنه فأذن له، فقال له: يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل (العطاء الكثير) ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر رضي الله عنه حتى همّ أن يوقع به، فقال الحر بن قيس، (وكان من جلساء عمر): يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه، صلى الله عليه وسلم: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل رواه البخاري.
- معرفة مساوئ الغضب: وهي كثيرة مجملها الإضرار بالنفس والآخرين، فينطلق اللسان بالشتم والسب والفحش وتنطلق اليد بالبطش بغير حساب، وقد يصل الأمر إلى القتل.
- تأمل الغاضب نفسه لحظة الغضب: لو قدر لغاضب أن ينظر إلى صورته في المرآة حين غضبه لكره نفسه ومنظره، فما أفرح الشيطان بشخص هذا حاله!
الدعاء: هذا سلاح المؤمن دائماً يطلب من ربه أن يخلصه من الشرور والآفات والأخلاق الرديئة، ويتعوذ بالله أن يتردى في هاوية الكفر أو الظلم بسبب الغضب، ولأن من الثلاث المنجيات: العدل في الرضا والغضب.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)