رغم أن خط ميترو الجزائر، بطوله الحالي، سيكون الأصغر في إفريقيا، إلا أنه مع ذلك يبقى الوحيد من بين المشاريع الثلاثة الأخرى التي دشنها رئيس الجمهورية الذي بإمكانه أن يحقق مداخيل لخزينة الدولة، مقارنة بقصر المؤتمرات ومبنى وزارة الخارجية والمسجد الأعظم. ويظهر هذا الأمر ضرورة خروج الجزائر من عقلية ''الأولى في إفريقيا'' عند التفكير في إعداد وإنجاز المشاريع، لأنه تفكير أغرق الجزائر في المديونية وجرّها ''عام عام'' إلى صندوق النقد الدولي، عندما دفعنا فاتورة ''حارة'' ومؤلمة.
لن نقول إن الجزائر ليست في حاجة إلى قصر للمؤتمرات في مستوى دولي، لكن لا يجب بناء عشرات الهكتارات من العمارات تكلف ضعف فاتورة بنائها فقط من أجل صيانتها وتنظيفها والحفاظ عليها، وبالتالي ستتحول إلى سرداب لأكل ميزانية الدولة عوض أن تساهم في دعم موارد الخزينة العمومية. ولا بأس أن يكون لوزارة الخارجية مبنى محترم ولائق وفي مستوى التاريخ الدبلوماسي للجزائر، لكن لا يجب أن ينظر إلى أن تغيير المبنى والأثاث وحظيرة السيارات بأنه سيحسن من أداء الدبلوماسية أو يقويها ما لم يكن رجالها حاضرين في الميدان في الوقت والمكان المناسبين، لأن هناك دولا تملك ''زريبة'' مقارنة بمبنى الخارجية في العناصر ومع ذلك تحقق يوميا انتصارات بالجملة.
ولا أحد يرفض أن يكون في الجزائر مسجد كبير يتسع لآلاف المصلين ويعكس الهوية الدينية للجزائريين، لكن لا يجب أن يتصور البعض بأن هذا الإنجاز سيغيّر شيئا من القاعدة المعروفة بأن الرحال تشد إلى ثلاثة مساجد، وهي معروفة لدى العام والخاص، ومن ثم فإن مشروع المسجد الكبير بالحجم الذي وضع له، سيكون من الصعب المحافظة على صيانته كما يجب، لأنه سيحتاج إلى جيش عرمرم من العمال والموظفين ليس بوسع المحسنين تغطيتها وبالتالي ستكون على حساب خزينة الدولة. ولا يجب التفكير في الوقت الحالي الذي توجد فيه خزينة الدولة مملوءة، بفضل ارتفاع مداخيل المحروقات، بل يجب إجراء هذا الحساب خلال السنين العجاف.
كنت أتمنى أن كل تلك الأصفار التي رصدت لتغطية ميزانيات قصر المؤتمرات والمسجد الأعظم ووزارة الخارجية، وهي ميزانيات ضخمة، أن ترصد في مشاريع تولد آلاف مناصب الشغل لخريجي الجامعات وتحقق أرباحا بمجرد دخولها الخدمة، لأن عهد ما بعد البترول، إن كان يرى فيه البعض بأنه مازال بعيدا، فانه قريب جدا وكل دينار يخرج حاليا في غير محله سيكون مصدر ندامة، وعندها لا ينفع الندم.
h_slimane@hotmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/11/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : ح. سليمان
المصدر : www.elkhabar.com