الجزائر

عطر الأحباب صلاح عبد الصبور قصائد للثورة الخالدة



نسي شباب ثورة 25 يناير 2011 شعراء مصر الكبار الذين تغنوا بالثورة منذ 1950 واعتقدوا - شباب 2011 - أنهم قاموا لوحدهم بتغيير الحكم. إنه لخطأ فادح. فتراث مصر الضخم بني على أكتاف شعراء كبار كصلاح عبد الصبور وأحمد فؤاد نجم وغيرهما من الشعراء الذين ظلوا يكتبون عن الثورة والتغيير من نعومة أظافرهم إلى شيخوختهم. يعد صلاح عبد الصبور من كبار الشعراء العرب الثوريين، وقد كانت ثورة 1952، ثورة مصر الخالدة ملجأه الأول وملهمته التي لا تنضب، ثم اندلعت ثورة الجزائر سنة 1954 فاحتضنها كما الطفل يحتضن صدر أمه فتغنى صلاح عبد الصبور بأبطالها، بأسراها، وبشهدائها، بيتاماها وأراملها. "في معزل الأسرى البعيدْ الليل والأسلاك والحرس المدجج بالحديدْ والظلمة البلهاء والجرحى ورائحة الصّديدْ ومزاح مخمورين من جند التّتارْ أمّي... وأنت بسفح ذاك التل بين الهاربينْ والليل يُعقد للصغار الرعب من تحت الجفونْ والجوع والثوب الشفيفْ أترى بكيت لأن قريتنا حطامْ؟  ولأن أيّاما أثيرات تولت لن تعودْ؟  أماه! إنّا لن نبيدْ فأنا ـ وكل رفاقنا ـ يا أم حين ذوى النهارْ بالحقد أقسمنا، سنهتف في الضحى بدم التتارْ  تنجوس بين بيوتنا الدكناء إن طلع النهارْ  سنقضي على التتارْ ونشيد ما هدم الاستعمارْ في جزائر الشهداء الأبرارْ". كانت هذه القصيدة بعنوان "همجية التتار" وكان صلاح عبد الصبور قد كتبها سنة 1959. يومها كانت الثورة الجزائرية في عامها الخامس، وكانت فرنسا ديغول قد جنّدت أكثر من مليون جندي وحركي وكولون مسلحين بأفتك الأسلحة الحديثة. كما نشرت قرب القرى والمداشر الدبابات والمجنزرات دون أن تنسى ملء سماء الجزائر بكل أنواع الطائرات الحربية من المقنبلات والجاسوسات والمروحيات. إن وصف صلاح عبد الصبور الاستعمار الفرنسي في جزائر 1959 بالتتار فلأن هؤلاء الأخيرين كانوا وصمة عار في تاريخ البشرية، كانوا أينما مروا يتركون الدمار ويرتكبون المجازر بلا وازع رحمة أو شفقة.. أوَ لم يخرب زعيمهم "هلاكو" بغداد وينكّل بأهلها ويملأ نهر "الدجلة" بالكتب حتى صار أسود كما ذكر المؤرخون كلهم؟ وصف صلاح عبد الصبور لوحشية الاستعمار الفرنسي في سنة 1959 لم يكن عبثا. كان دقيقا دقة شعره في الرقة، الحزن، القوة والموسيقى الجنائزية التي طالما رافقت إبداع هذا الشاعر الفذّ العظيم. يكتبها: جيلالي خلاص


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)