عطر الأحباب Emmanuel Roblès إيمانويل روبلس صاحب رائعة "أعالي المدينة"

  خالف إيمانويل روبلس أغلب كتّاب جيله من المبدعين الذين ولدوا "فرنسيين" في الجزائر المحتلة، ذلك أنه كان أقرب كاتب فرنسي إلى الجزائريين المقهورين، بل صار أحد أهم الفرنسيين الناطقين باسمهم منذ أن نشر روايته الرائعة المعنونة بـ"أعالي المدينة" في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي. كان أبطال تلك الرواية عديدين، غير أن إيمانويل روبلس فضل أن يكون مقهورو الجزائر هم الشخوص الذين ارتكزت عليهم حبكة عمله الأدبي الرائع، هذا ما منح إيمانويل روبلس فضل كشف قسوة الإستعماريين وسطوتهم وتنكيلهم بالشعب الجزائري الأعزل. في سنة 1957، كان إيمانويل روبلس من أوائل المثقفين الفرنسيين الذين وقعوا بيان "المائة وواحد وعشرين" les 121، أوالتصريح الذي دعا الجنود الفرنسيين إلى رفضهم الخدمة العسكرية في الجزائر، كما دعا إلى توقيف التعذيب فورا والتحقيق في خباياه ومعاقبة كل المجرمين الذين نكلوا بالجزائريين دون شفقة ورحمة. كان الكاتب الفرنسي الكبير إيمانويل روبلس من المثقفين المناضلين الذين آزروا الشعب الجزائري في دفاعه عن حقه المشروع في الحرية والإستقلال. كتب إيما نويل روبلس العديد من الروايات الجميلة، لعل أشهرها "أعالي المدينة" les hauteurs de la ville ، و"الشروق" أو l'aurore، إلى جانب رواية الفيزوف أو le vésuve التي رجع فيها إلى مسقط رأس أجداده بجنوب إيطاليا. هنا أبرز لنا ذلك التناقض الموجود في أعماق الطبيعة، جمال التضاريس الرائع ورعب البركان الغاشم، أي "الفيزوف" الذي هدد ولازال يهدد مدينة نابولي الجميلة منذ قرون. في هذه الرواية (الفيزوف) يتعمق الكاتب في النفس البشرية فيراها لا تختلف عن النار، نار البركان التي نراها جميلة ورائعة من بعيد، والتي تقضي على كل شيء حين ترمي حممها الجهنمية وقت ثوران بؤرة الأرضي. في جميع الروايات التي كتبها إيمانويل روبلس، ركز على صراع الإنسان مع الطبيعة وعلى تناقض مشاعر البشر، فهم يحملون في نفوسهم شرا كبيرا لإخوانهم، للطبيعة وللحيوانات والطيور والحشرات التي يتغذون منها. رسالة روبلس ظلت طوال حياته تقاوم هذا الشر وتنصر الخير، وما موقفه المساندة للجزائريين سوى نموذج لذلك الخير الذي يملأ قبله وفكره.   يكتبها: جيلالي خلاص