الجزائر

عشرة أوتاد



يحكى أنه كان بتلسمان يعيش رجل له عشرة أولاد، بذل ماله وعز شبابه في تربيتهم وتعليمهم والاعتناء بهم بعد وفاة زوجته. ولما كبر ووهن عظمه واشتعل رأسه شيباً، وأدرك أنه لم يعد قادراً على كسب رزقه، تفرق عنه أبناؤه ومضى كل منهم في حاله دون أن يبالي بحال أبيه.
وفي غمرة هذا البؤس وذل الحال، جاء لهذا الشيخ صديق حكيم، فشكى له ما أصابه، فأشار عليه أن يجمع أولاده ويضع في صندوق خشبي كبير أوتاداً ويقفل هذا الصندوق. ففعل الشيخ ما أشار به صديقه، فجمع أولاده وقال لهم: يا فلذات أكبادي، إني أمضيت العمر في جمع مال كنت أعده لكم في يوم عسرة. وكل ما جمعته وضعته في هذا الصندوق، على أن يكون بعد موتى من نصيب أحبكم إلى قلبي. ومنذ ذلك اليوم صار الأولاد يتزاحمون على رعاية أبيهم، يكرمونه ويبجلونه ويتنافسون على كسب محبته، وكل منهم يفكر في أن يكون صاحب الحظ والفوز بالصندوق.
وهكذا انقلبت أوضاع الشيخ الذي كان يعاني الوحدة، فصار معززاً مكرماً لا يجد وقتاً لنفسه ولأصدقائه، لا يحتاج إلى شيء؛ فتفرغ للعبادة وفعل الخير.
ومرت الأيام حتى جاء قدر الله الذي لا مفر منه، فتوفي الشيخ، واجتمع الأولاد ليفتحوا الصندوق الثقيل، فأبهجتهم رؤيته وحمله. غير أن فاجعتهم كانت كبرى عند فتح الصندوق فقد كان الشيخ وضع فيه عشرة أوتاد ثقال، أرفقهم بورقة من الجلد قد كتب عليها: "عشرة أوتاد أكرموني خير من عشرة أولاد". وهذا جزاء الطماع ومن لم يعتن بوالديه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)