الجزائر

عشرة أسباب رئيسية لانحسار التمثيل الإسلامي في البرلمان الجزائري



عشرة أسباب رئيسية لانحسار التمثيل الإسلامي في البرلمان الجزائري
لماذا خسر الإسلاميون الانتخابات التشريعية في الجزائر، أو لماذا انحسر تمثيلهم؟
حصل تكتل الجزائر الخضراء وهو تحالف يضم حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح على 47 مقعدا، كما تحصلت الجبهة الوطنية للعدالة والتنمية للشيخ جاب الله على 07 مقاعد وتحصلت جبهة التغيير على 04 مقاعد، فمجموع مقاعد الإسلاميين بلغت 58 مقعدا من مجموع 463 مقعد أي بنسبة الثمن (12.5') من المقاعد وهذا العدد ينقص بمقعد واحد عن العهدة البرلمانية السابقة (59)، فلهذا وجب النظر إلى انحسار الإسلاميين من مدة وليس في الانتخابات التشريعية الجديدة.
و يعود استيلاء التيار الإسلامي على قبة البرلمان في 1991 بعد الانتخابات الملغاة هو وجه الشبه مع ما يقع في دول الربيع العربي من اكتساح للإسلاميين للانتخابات، ولكن منذ ذلك الزمن سالت كثير من المياه تحت تلك القناطر بدءا بالعشرية السوداء ثم عشرية بوتفليقة.
و حسب بعض المراقبين للشأن الجزائري، يعود انكماش التمثيل الإسلامي في القبة البرلمانية إلى الأسباب التالية:
1 الإرهاب: لقد مرت على الجزائر عشرية سوداء منذ 1992، وهو تاريخ توقيف المسار الانتخابي، أثرت بشكل كبير وعميق على عقلية المواطن الجزائري، فضلوع نسبة من أصحاب التيار الإسلامي في طريق العمل المسلح ثم الانحراف إلى العمل الإرهابي المشين، أنقص من الشعبية التي كان يحظى بها هذا التيار. فلقد عاش ا لجزائريون دون غيرهم مأساة حقيقية، يقتل فيها الرجل أخاه ويذبح فيها النساء والأطفال، فلم يعد يرى إلى الإسلاميين بتلك الملائكية.
2 الدخول في تحالف مع السلطة': ولج بعض الإسلاميين في حكومات وتحالفات مع السلطة دون القدرة على ترك بصمتهم أو تغيير لواقع أو الاستفادة السياسية من ذلك، مما شكل رأيا عند شريحة كبيرة من المجتمع إلى أنه نوع من الدخول إلى بيت طاعة النظام وتحصيل على الثمن بكسب جملة من المناصب الإدارية وا لوزارية، وإذا كان دخول الشيخ الراحل محفوظ نحناح للحلف له مبرراته وكانت له أهدافه وحقق نتائجه في تلك المرحلة، لم تكن نفسها في المرحلة التالية.
3 انقسام الإسلاميين': وهذا سبب هام جدا، ففي القديم كان ممثلو التيار الإسلامي يعدون على أصابع اليد الواحدة ثم صار كل حزب ينقسم إلى قسمين أو ثلاثة، حتى الإخوان المسلمين المنضوين في التنظيم العالمي، الذين يتسمون بنوع من الانضباط صاروا اثنين': حركة مجتمع السلم لأبوجرة سلطاني وجبهة التغيير لعبد المجيد مناصرة وهذا لا يساعد على وضع أسس للعمل السياسي المجدي أو الطموح إلى رفع النتائج السياسية في زمن التجمع والتكتل لا التفرق والتشرذم.
4 غياب الكاريزما الإسلامية': كل القيادات الإسلامية ليس لها تلك الكاريزما التي كان يحظى بها الراحل الشيخ محفوظ نحناح، الذي كان جد محبوبا من أتباعه ومحترما من طرف خصومه، فمعلوم أن في الجزائر، لا ينتخب للبرامج ولكن للأشخاص.
5 الشعب يريد الاستقرار': نتائج الانتخابات تعبر عن رغبة عامة للجزائريين للاستقرار والحيلولة دون الولوج في نفق مظلم لا يعرف له أول ولا آخر، ورفضا لشبح ا لتدخل الأجنبي والدخول في أجندات أجنبية، وما وقع في بلدان الربيع العربي لم يشجع على خيار الشعب للتغيير في هذه الظروف المعينة.
6 الظاهرة البوتفليقية': ثم إنه لا يخفى على الرقيب أن بوتفليقة يحظى بنوع من الاحترام والتقدير في أوساط الشعب الجزائري، فهو رجل عودة الاستقرار ورجل زيادة الأجور ورجل المصالحة، ويجب أن نرجع إلى زمن بعيد يحضر رئيس الجمهورية نهائي كأس الجزائر لكرة القدم ويصفق له بحرارة وعفوية من طرف الجمهور، ولعل موقفه من أزمة مصر والجزائر زادت من هذا التعاطف.
7 هجران التيار الإسلامي للعمل الاجتماعي: فلقد صنع الاندفاع الإسلامي في العمل الاجتماعي أحد الأسباب الرئيسية لأمجاده وأهم سبب لانتشاره في المجتمع، فالشعوب لا تفكر عموما بعقولها ولكن بأعينها، فلقد كانت الحركات الإسلامية دائما حاضرة مع جميع طبقات المجتمع في أفراحها وأتراحها وشدائدها. والأمر لم يعد بهذه الصورة، ولا نستطيع أن نحصر فقط الأسباب في التشديد والصرامة المتبعة من طرف السلطات لمراقبة العمل الاجتماعي والخيري وحصره على بعض المؤسسات الحكومية وبعض الجمعيات، قد ترجع الأمور إلى تهاوي الحماسة والبذل والعطاء، العناصر الأساسية للعمل الاجتماعي الناجح.
8 قانون الانتخاب: لقد شكل شرط بلوغ 5 ' للدخول في حسابات تقسيم المقاعد النيابية سدا منيعا أمام العشرات من الحركات السياسية عموما والإسلامية خصوصا، فلقد كانت هذه العتبة 5 ' غربالا للعديد من الأحزاب وتقسيما للمقاعد لا يعبر عن الوعاء الانتخابي الحقيقي، فجبهة التحرير الوطني ب 1.32 مليون ناخب من مجموع 21.6 مليون مسجل حصدت على 221 مقعد مقارنة مع 136 مقعد عام 2007 والتي تم تحقيقها ب 1.31 مليون صوت من إجمالي 18.7 مليون مسجل أي حصلت جبهة التحرير الوطني على 47.7 ' من المقاعد ب 14.3 ' من المنتخبين و6.1 من المسجلين. وهذا الشرخ الواقع بين عدد المقاعد المحصلة وعدد الأصوات المحصلة لا تعطي صورة حقيقية وواقعية للخريطة السياسية الجزائرية.
9 المناخ الدولي: إن نتائج الانتخابات التشريعية في دول الربيع العربي لم تطمئن عواصم عدة حول مآل الأمور في العالم، لهذا الأمر لم يكن محتملا ولا مقبولا سياسيا أن تسقط رياح الربيع العربي قلعة الجزائر، لذلك لوحظ عدم وجود تجييش إعلامي لا قبل ولا بعد الانتخابات، ولم يوجد تضخيم للأمور السلبية وإعطاء مفرط للكلمة للمعارضين وإبراز عيوب النظام ونشر الأراجيف والإشاعات مما يسمى أساليب ووسائل إسقاط الأنظمة. فلا عواصم أوربا الكبرى ولا دول الخليج ولا كثير من اللوبيات الاقتصادية والإعلامية كانت لتحتمل سريان عدوى الربيع إلى الجزائر.
10 عدم مسايرة المتغيرات وانعدام روح التجديد في الخطاب الإسلامي: فرجل مثل جاب الله الذي هو منذ السبعينات يشكل إحدى المكونات الأساسية للإسلاميين لا يزال يعتقد أن شخصه يكفي ليكون بديلا عن التنظيم وما يتبعه من لوبيات وشبكات في المجتمع. انها مقاربة تحليلية للوضع الخاص بالجزائر المتمخض عن الانتخابات التشريعية، ومحاولة لفهم ما حدث فعلا لأخذ العبر والدروس في المستقبل.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)