باستثناء ''الطبقة السياسية'' ووسائل الإعلام وبعض الشخصيات المعنية وغير المعنية، لم يتابع أغلب المواطنين بكبير اهتمام ''جلسات الاستماع'' التي نظمتها السلطة حول الإصلاحات تحت إشراف الرجل الثاني في الدولة، ولا يعير أغلبهم أدنى اهتمام، هذه الأيام، للأخبار المتعلقة بالقوانين الجديدة حول الأحزاب السياسية والانتخابات والإعلام وغيرها، وحتى مراجعة الدستور.
ويعود السبب في هذا العزوف، في اعتقادي، لكون المواطن البسيط لم يعد يثق في اللجان ولا في القوانين، وأصبح لا يؤمن إلا بالملموس.
لقد شهد المواطن عبر السنين تشكيل عشرات اللجان في الكثير من القضايا الهامة، وسخرت لأفراد هذه اللجان وسائل وإمكانيات ومنح ومكافآت من أموال الشعب، وعملت على مدار أشهر أو سنوات، لكن نتائجها بقيت ''في عداد المفقودين''. ويدرك أبسط مواطن اليوم أن وجود القوانين لم يكن أبدا عائقا أمام الممارسات غير القانونية في بلادنا، والتي كثيرا ما كانت من طرف المكلفين بتطبيق القانون أنفسهم، ''وإذا كان غريمك القاضي فلمن تشتكي''.
والمؤكد أننا لا نختلف حول أهمية سن قوانين جديدة تسيّر وتنظم مختلف جوانب حياتنا وتسمح للمجتمع بالتقدم نحو دولة القانون والديمقراطية، لكن واقع الحال في بلادنا يفرض على السلطة، إذا كانت فعلا مقتنعة بضرورة الإصلاحات، المبادرة بإجراءات ملموسة وعاجلة لا تتطلب تخصيص إمكانيات ولا تشكيل لجان أو تنظيم جلسات استماع ولا سنّ قوانين جديدة، تؤكد بها ''حسن النية'' وتطمئن المواطن.
ومن هذه الإجراءات، وقبل تحرير مجال السمعي البصري الذي طال انتظاره، يمكن فتح التلفزيون العمومي، وهو ملك لكل الشعب الجزائري وليس للسلطة وحدها، على انشغالات المواطن وواقعه اليومي، ونقل الرأي والرأي الآخر، ولنا من الصحفيين القادرين على تجسيد ذلك بالاحترافية المطلوبة ''إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا''، والتجربة القصيرة لهذه المؤسسة في عهد المدير العام ''عبدو.ب'' في التسعينات دليل قاطع على ذلك، ونعرف جميعا أن بعض صحفيي التلفزيون الجزائري، يصنعون اليوم أمجاد القنوات الأجنبية لأنها وفرت لهم ظروف العمل المواتية.
يمكن للسلطة أيضا أن تشرع في تثمين العمل ورد الاعتبار للذكاء والكفاءات بتحرير الإطارات، المتوسطة خاصة، وحمايتها من ضغوط اللوبيات وأصحاب النفوذ، ومن التعيين والإعفاء من المسؤوليات على أساس العشيرة والولاءات. وأنا لا اكتشف شيئا عندما أقول بأن الكفاءة والنزاهة والقوانين لا تكفي اليوم لحماية أي إطار، ويا ويح من طمع في منصبه أحد الذين لهم ''خيط'' في السلطة، ويا ويح من أغضب أحد أصحاب النفوذ، حتى وإن كان ذلك لسبب شخصي، لأنه ''يطير'' لا محالة مهما كانت مؤهلاته ونزاهته.
إنها مجرد ملاحظات بسيطة من واقع الحال في بلادنا، وللسلطة مستشارون وخبراء مؤهلون لحصر الكثير من الإجراءات الملموسة التي يمكن الشروع فيها عاجلا، تكون بالنسبة للمواطن ''عربون حسن النوايا''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/09/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : شعبان زروق
المصدر : www.elkhabar.com