الجزائر

عددهن يرتفع بشكل ملحوظ من 40 سنة إلى مافوق الأرملة·· حقيقة مرة ومعاناة مستمرة /17 بالمئة من الجزائريات البالغات ما بين 55 و59 سنة أرامل



  إذا حاولنا التعمق في نفسية الأرملة، وجدنا أنها تتألم في صمت وما يزيد صعوبة حالتها نظرة الناس والمجتمع إليها، خاصة إن كانت تملك أطفالا وتركهم والدهم لها للتكفل بهم، وتزداد الأزمة صعوبة وتعقيدا إذا كانت عديمة الدخل، وإن لم يترك لها زوجها منحة تكفيها هي وصغارها· فضلت أن تكون عاملة نظافة ولا تمد يدها للناس هي قصة سيدة مات زوجها وكانت في عمر الخامسة والثلاثين، تركها بدون معيل هي وطفليها، حيث رزقت منه بطفلة وطفل وهما من ملآ حياتها بهجة وسرورا، ولم ترغب في الارتباط مرة أخرى لتكرّس حياتها لرعاية طفليها، وخرجت بحثا عن عمل شريف من أجل توفير حاجياتها ومتطلبات ابنيها، حيث اشتغلت عاملة نظافة منذ وفاة معيلها وتحمّلت هي أعباء أسرتها، وكبر صغيراها، فذات الاثنتي عشر ربيعا صارت شابة وتزوجت، والطفل ذي التسع سنين صار رجلا يستطيع الاعتماد على نفسه·لامية مثال للصبر والتحمل توفي زوج لامية وعمرها لا يتعدى الثلاثين، وحسب ما روته هذه السيدة لـ''الفجر'' فإن سعادتها بزواجها لم تدم طويلا، فبعد عام من ارتباطها تعرض زوجها لحادث عمل أصيب على إثره بشلل نصفي، ليقعد في منزله بدون عمل، وحينها لم تجد سندا لها إلا عائلتها، التي دعمتها ماديا ومعنويا·وتضيف المتحدثة أنها قررت العمل من أجل التكفل بمصاريف علاج زوجها، ولم تجد حلا سوى تعلم حرفة تقتات منها· وبالفعل تعلمت مهنة الحلاقة وفتحت غرفة من غرف منزلها للزبونات، وبقيت على هذه الحال قرابة الثلاث سنوات تعمل وتتكفل برعاية زوجها إلى أن تحسنت حالته قليلا· لكن سعادتها بشفائه لم تدم طويلا حتى أصيب بمرض عضال أرداه طريح الفراش وتوفي على إثره بعدة مدة وجيزة· وعادت لامية إلى بيت والدها، هذا الأخير الذي خصص لها غرفة في منزله، وبقيت به قرابة العام وأتاها من يخطبها كونها لا زالت صغيرة في السن، لكنها رفضت الزواج مجددا وفضلت البقاء مع والدها، وأفراد أسرتها الذين استقبلوها في منزلهم بدون أي حساسية وكان الوالد دوما يردد ''لا تقلقي يا بنيتي هذا مكتوب وما عليك إلا الصبر''· وقالت لامية إنها استطاعت تجاوز الوضع بفضل وقوف أفراد عائلتها معها ''صحيح أنه في الأيام الأولى كانت نفسيتي منهارة ولم أتقبل الوضع، لكنني الآن أعيش حياتي بشكل عادي وخرجت للمجتمع للعمل في إحدى ورشات الخياطة''·وجدت من يتكفل بأطفالها الأربع فقررت الزواج مرة ثالثةقصة زهرة تختلف عن سابقتيها، فبعد أن طلقها زوجها الأول وهي لا تزال في الواحد والعشرين من العمر عادت إلى أحضان أسرتها ومكثت في بيت والدها ثلاث سنوات، لتتزوج مرة أخرى من رجل آخر أنجبت منه أربعة أطفال، وعادت زهرة مرة أخرى إلى بيت والدها بعد وفاة زوجها الثاني وكانت آنذاك في الخامسة والأربعين، ولم تتردد في الزواج مرة أخرى بعد أن تقدم لخطبتها رجل ثالث لتبدأ حياة جديدة، تاركة وراءها أطفالها الأربع في بيت والدها·نظرة المجتمع بين الشفقة والاستضعافوعن نظرة المجتمع لهذه الفئة قالت الأخصائية في علم الاجتماع، ثريا التيجاني إنها نظرة سيئة وأرجعتها إلى جذور دينية واجتماعية، ولكنها في الآونة الأخيرة تحولت حسب المتحدثة إلى نظرة تعاطف· ووصفت التيجاني الحالة النفسية للأرملة بالصعبة، فقالت ''تصاب المرأة إثر وفاة شريك حياتها بالاستياء والحزن الشديدين ثم ما تلبث أن تخرج من هذه الحالة لتندمج في المجتمع لتتحمل مسؤوليتها ومسؤولية أطفالها إن وجدوا''· وتضيف الأخصائية ''إلا أن الأرملة التي ليس لها أطفال حالها أفضل، حيث تستطيع أن تتزوج مرة أخرى دون أي تعقيد لتبقى هناك بعض الحالات الاستثنائية، التي ترفض فيها المرأة إعادة الزواج لاعتقادها أن الزوج الثاني لا يعوض الزوج الأول بأي شكل من الأشكال''· وفي السياق ذاته، تقول ثريا التيجاني إن هناك من تقبل الزواج مرة أخرى رغم أن لديها أطفال إذا وجدت من يتكفل بأطفالها من الأهل أو الأقارب، وفي حالة أخرى إذا وافق الزوج الثاني التكفل بأطفالها· وأضافت المتحدثة ''وإذا ما رفضت الأرملة معاودة الزواج في سبيل رعاية أطفالها، فهي تمتهن مهنا بسيطة كالخياطة أو التجارة في الأسواق الشعبية وهناك من يحترمها ويشفق عليها، وبالمقابل هناك فئة تستغل ضعفها وحاجتها''·  كريمة هادف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)