هو رجل الدولة والخليفة موحدي عبد المؤمن بن علي الكومي خليفة ابن تومرت مؤسس الحركة الموحدية في القرن السادس الهجري، من أعظم أعلام تاريخ المغرب العربي وأحد موحديه من طرابلس الغرب إلى المحيط وساحق المسيحيين في الأندلس.
ولد بقرية تاعزة قرب مدينة ندرومة بنواحي تلمسان، من قبيلة كومية، في سنة 496هـ. كان عبد المؤمن بن علي قوي الجسم وجميل الصورة مما جعله يثير انتباه الناس حتى حيكت حوله خرافات كثيرة تشبه ما يروى عن كرامات الأولياء والرجال الصالحين.
تعلم القرآن ومبادئ اللغة العربية والفقه في صغره، ولما بلغ الخامسة عشر من عمره نزل إلى مدينة تلمسان ليواصل دراسته. ومن هناك رافق عمه في طريق الحج، ولما توقف بهم المطاف ببجاية، ذهب عبد المؤمن بن علي لزيارة ابن تومرت الذي كان يدرس بالقرب من المدينة وقد ذاع صيته في جميع أنحاء المغرب العربي، وكان هذا اللقاء بداية لمسيرة مشتركة بين الرجلين، وتلازما حتى الموت.
بعد أشهر من الإقامة هناك، صاحب عبد المؤمن بن علي ابن تومرت ورفاقه في رحلتهم إلى تنملال بالمغرب الأقصى، مروراً بجبال الونشريس وتلمسان وفاس ومكناس ومراكش إلى غاية بلاد السوس بقرية ابن تومرت عام 515هـ. وعندما بدأ ابن تومرت ينظم حركته وينشر دعوته، كان عبد المؤمن يلعب دوراً هاماً ضمن مجموعة العشر المقربين إلى ابن تومرت، والتي كان يستشيرها في جميع الأمور.
كان للنكبة الكبيرة التي ألمت بالجيش الموحدي إثر هزيمته النكراء أمام أسوار مراكش عاصمة المرابطين سنة 523هـ، آثاراً عميقة في نفوس الموحدين وأرغمت ابن تومرت أن يعيد تنظيمه ويعزز قوته بعد وفاة معظم قادته وعدد كبير من أصحابه المقربين.
ولم يلبث أن توفي ابن تومرت بعد أشهر قليلة، فاجتمع ما تبقى من مجلس العشرة، وكان أهمهم عبد المؤمن وقرر إخفاء موت المهدي ابن تومرت ولم يعلن عنها إلا بعد مضي ثلاث سنوات. واقترن الإعلان ببيعة عبد المؤمن خليفة لابن تومرت، بسبب مكانته عند المهدي وكونه لم يمل إلى عصبية معينة.
لم يكن عبد المؤمن يتجاوز الثلاثين من عمره عندما تولى الخلافة، غير أنه استطاع بذكائه وبراعته في التنظيم المحكم عسكرياً وإدارياً أن يبعث من جديد حركة الموحدين وأن ينتصر على جميع خصومه وأن يوحد المغرب العربي تحت راية دولته.
بدأ عبد المؤمن بن علي حربه ضد المرابطين بمهاجمته واستيلائه على القرى الجبلية من الشمال في مسيرة قادته إلى مدينة سبتة ثم ندرومة وتلمسان فوهران حيث التقى بجيش المرابطين، وبعدها اتجه عبد المؤمن غرباً فاستولى على مكناس ثم فاس، قبل أن يحاصر مراكش عاصمة المرابطين، ويدخلها عام 541هـ.
دامت الحرب بين الموحدين والمرابطين أربعة عشر سنة استطاع عبد المؤمن خلالها أن يثبت سلطته وأركان عرشه. وقد جعل من مراكش عاصمة لملكه وأعاد بناءها وأنجز بها جامع الكتبية المشهور.
وسع عبد المؤمن بن علي حدود دولته بغزوه دولة بني حماد في بجاية عام 546هـ، فاستولى على مدينة الجزائر ودخل بجاية وحاصر القلعة عاصمتهم. وفي نفس السنة، أرسل جيوشه إلى الأندلس ليفتتح من جديد جميع الثغور التي استولى عليها المسيحيون بين سنتي 546هـ و 554 هـ، استقر عبد المؤمن بمراكش ليكرس مجهوداته في تنظيم شؤون دولته العسكرية والسياسية والإدارية والاقتصادية، فجعل الملك وراثياً بتعيين ابنه خلفاً له، وعين باقي أولاده وبعض أقاربه على رأس الولايات، وأعطى دفعاً كبيراً للنشاط المعماري والثقافي والاقتصادي؛ فازدهرت في عهده جميع بلاد المغرب العربي.
استأنف عبد المؤمن نشاطه العسكري بعد عام 554 هـ فقاد جيشه في حملة للقضاء على دولة الزيديين واستولى على تونس وأخرج النورمنديين من جميع الموانئ التي احتلوها، وأخضع القبائل المتمردة. وفي عام 557 هـ جهز عبد المؤمن جيشاً ليعبر إلى الأندلس، أين أخذ يعزز مواقعه ووسع من حدود دولة المسلمين ومن تواجدهم بالأندلس. غير أنه اضطر إلى العودة على المغرب بسبب مرض أليم ومفاجئ، فتوفي بسلا قرب الرباط في سنة 558 1.
1 : أنظر: ابن خلدون، كتاب العبر، ج 6، بيروت: دار الكتاب، 1968. أبو بكر الصنهاجي (البيدق)، كتاب أخبار المهدي، باريس: 1928.
تاريخ الإضافة : 22/10/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : www.almasalik.com