الجزائر


عبثية!
ليست هذه المرة الأولى التي تنقل فيها المواقع الاجتماعية صورا عبثية للحرب الدائرة في سوريا والعراق ومناطق أخرى من الشرق الأوسط المصاب الآن بجنون الثورة والفوضى. لكن هذا الشريط الذي نشره موقع يوتوب، والذي يظهر لمدة أزيد من عشر دقائق من العقاب والألم، ألم مجموعة من سائقي الشاحنات في سوريا على يد من يسمون أنفسهم برجال الدولة الإسلامية في العراق والشام، يقتلون ببرودة أعصاب على يد أصحاب الدعوة الإسلاموية الجدد، لا لشيء إلا لأنهم وربما بسبب الخوف أو أنهم ينتمون لمسيحيي المشرق، سقطوا في الإجابة عن سؤال شفوي، كم عدد ركعات صلاة الفجر. هذه الصلاة التي هي سنة وليست من مواقيت الصلوات الخمس، أصبحت أداة سببا للتعذيب والتصفية على يد الرسل الجدد، بعد أن كان القتل في الثورات العربية العبثية يتم على الهوية وعلى اللون والطائفة.المصيبة أن تصفية الرجال الثلاثة تمت بالرصاص وتحت التكبير والتهليل ”الله أكبر”، يعيدها القتلة عشرات المرات، وكأنهم يقدمون إلى الله قرابين، مع أنهم مجرد مجرمين، لا قوة لهم ولا إيمان إلا بالسلاح الذي بين أيديهم، والذي زرعه عرابو الثورات المزعومة ليعم الخراب، ويقتل العرب عربا آخرين.
لن يجتمع مجلس الأمن، في الأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض لمناقشة هذه الجريمة وغيرها العشرات التي يروح ضحيتها يوميا المئات في سوريا وليبيا ومصر واليمن، أينما حل الخراب، ولن تبث الجزيرة هذه الصور المشينة التي تنفذ تحت الراية السوداء السلفية، لأنها عكس المشروع الذي تروج له. فليس من مصلحة هؤلاء أن يدين العالم المعارضة التي احتضنوها ودربوها وسلحوها لتدمير المنطقة.
آه يا الله! لا أظن أنك ستبارك ما يحدث باسمك من مجازر في حق أبرياء، ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا في هذه الأرض وفي زمن الخيانات الكبرى.
قد تكون الإيجابية الوحيدة للفوضى الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، وفي ليبيا وسوريا تحديدا، أنها كشفت الوجه الحقيقي للإسلام السياسي، ولارتباطه الوثيق بالمشروع الأمريكي الصهيوني، لأن الدراسات والتحليلات الأكاديمية وتصريحات السياسيين سابقا لم تكن تقنع الناس بأن الدين يمكن أن يشكل غطاء لمجازر، ويستغل من طرف أعداء المسلمين، لتخريب العقل العربي، وتدمير البلدان العربية والإسلامية، أما اليوم، ولشدة غرور القتلة وثقتهم في دعم أمريكا والغرب لهم، لم يعودوا يخفون المجازر التي ينفذونها باسم الله وتحت راية منسوبة إلى رسوله الكريم.
اليوم كشفت جرمهم التكنولوجيا، وعرت على وجههم القبيح وعلى همجيتهم التي فاقت ما نسب إلى هتلر عن حق أو عن باطل.
لا أدري كم ستطول المأساة التي حملتها لنا الثورات العربية المزعومة، لكن الأكيد أنها لن تخلف وراءها إلا الخراب والدمار، وتخلق إنسانا بدون هوية ولا عقيدة، وقد تكون أكبر ضحية لهذه الهمجية هي الدين الذي اقترفت باسمه كل الجرائم!؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)