الجزائر

عازف الأوركسترا الإسباني إڤناسيو غارسيا بيدال في حوار لـ”الفجر” التاريخ الإسلامي جعلني أتخذ التراث الأندلسي مرجعا في أغلب أعمالي



عازف الأوركسترا الإسباني إڤناسيو غارسيا بيدال في حوار لـ”الفجر”               التاريخ الإسلامي جعلني أتخذ  التراث الأندلسي مرجعا في أغلب أعمالي
أشهر العازفين الإسبان يعتمدون على التراث الأندلسي في تركيباتهم الموسيقية   سطع نجمه مذ كان في العشرين من العمر، وقاد الأركسترا الدولية الإسبانية في عديد المهرجانات الدولية، تشبع من التراث ومختلف العلوم على غرار علوم الاتصال، الموسيقى البيداغوجية، تتلمذ على يد أكبر رواد الموسيقى الكلاسيكية. إنه قائد الأركسترا الاسباني إڤناسيو غارسيا بيدال، الذي التقت به “الفجر” على هامش السهرة الختامية لمهرجان الموسيقى السيمفونية الذي احتضنته الجزائر في الثامن من الشهر الجاري، وتحدث لنا عن تجربته الطويلة في عالم العزف السيمفوني الكلاسيكي.. بالنظر إلى خبرتك الطويلة في مجال الموسيقى، كيف ترى الموسيقى السيمفونية الجزائرية؟  يبدو لي من أول وهلة قدمت فيها إلى الجزائر أن الموسيقى الكلاسيكية أو أي نوع آخر من الأنواع الموسيقية الأخرى التي تنتشر هنا، ترتكز على عنصر الحماسية الذي يعتبر مهما في صناعة اللحن والأداء الموسيقي وتكوين نغمة القطعة الموسيقية، وهو ما لاحظته عن قرب ومن خلال الاحتكاك ببعض العازفين الجزائريين، أين كان يحدث ذاك التفاعل والإيقاع الخفيف الذي يدعوك إلى تحريك الشعور والجسد معا، لذلك فأنا مهتم بدرجة كبيرة لمعرفة المزيد عن الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية، حتى أخرج في نهاية المطاف بخلاصة قيمة أضيفها إلى مشواري كقائد أركسترا، وأستطيع من خلالها تنمية معارفي وقدراتي بهدف الاستفادة منها لاحقا في أعمالي المستقبلية.  هل تشبه الموسيقى الجزائرية نظيرتها الإسبانية؟  من الصعب جدا المقارنة باعتبار أنَ ما نعزفه ونؤديه يدخل ضمن لون موسيقي واحد يعرف بالذوق الراقي، ولكل شخص طريقة في التعبير سواء كان عازف كمان أو بيانو، لكن في النهاية الهدف الأساسي هو تقديم موسيقى راقية بغض النظر عن البلد، وبالتالي فالعازفون الإسبان أو الجزائريون يشتركون في العزف على نفس الآلة، غير أن جوهر الاختلاف يكمن في شكل وطريقة الأداء التي تختلف معهم. وحسب اعتقادي فإن السبب يرجع إلى طبيعة كل عازف وطبيعة التكوين الذي سلكه ببلده، فالعزف الجزائري تكون بصمة الريتم الخفيف فيه جلية على آلاته كما ذكرت سابقا، لذا أعتبره الشيء المميز للموسيقى الجزائرية بصفة عامة عن باقي دول العالم والعالم العربي على حد سواء. إذا وظفتم “الريتم” الجزائري في تراثكم الموسيقي هل سيكون تأثيره سلبيا؟  بصورة عكسية تماما، ما أحاول قوله هو أن التراث الجزائري غني وثري يحمل في طياته عديد الخصائص تستدعي الدراسة الدقيقة وكذا الاستلهام منها والشرب من منهلها، فالجزائر بكل ما تحمله من حضارة وتاريخ هي بالنسبة لي كل متكامل من الإحساس يغمر ذاتي وأعماقي، رغم القرابة الجغرافية التي تجمعنا حول حوض البحر المتوسط، غير أن مفهوم البعد المعرفي الذي يساور مخيلتي عن الجزائر بإمكاني تكسيره بواسطة اكتشاف جديد وإحساس أشعر من ورائه بارتياح، لأنني استطعت توظيف ولو الجزء القليل من الثقافة العريقة لهذا البلد الأصيل. على ذكر اختلاف طريقة الأداء فوق المنصة، كيف تفسر الحركات التي تقوم بها أثناء العزف، والتي اكتشفها الجمهور الجزائري من خلال عرضك المندرج في فعاليات مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السيمفونية؟  بطبيعة الحال فاستعمال الحركات المختلفة لجملة من الأطراف كحركة اليدين أو الوجه أو الرأس، له مدلول واسع في لغة الموسيقى، حيث تعد كل حركة يقوم بها الجسد أداة تعبير عن فعل أو ترك شيء ما، بزيادة أو خفض ريتم معين، بالإضافة إلى توجيه عناصر الجوق الموسيقي أثناء عملية العزف باتباع سلم يتناسب والقطعة المعزوفة لتجنب حدوث أي خلل فني، كما تمرر هذه الحركات عديد الرسائل النابعة من نفسية وروح قائد الأركسترا. كيف يتم ذلك؟  اعتبرها بمثابة طاقة خفية نابعة من الروح، تدفعك إلى تصوير أحاسيسك ووجدانك فوق المنصة، فتتحول عملية الاتصال التي تحدث بين الجسد ككتلة وعناصر الذات الداخلية، تكون في ذهنية القائد بأن ما يفعله صواب، وبالتالي فحضور الإحساس أمر مفروغ منه من أجل نجاح العمل الذي يخلق نوع من الاتصال غير المباشر مع الجمهور، كما يعتبر سبيل آخر لتحسين الأداء في المستقبل. وكخلاصة فإن حركات الجسد تتماشى مع الوجدان. هل التراث الأندلسي سبب في تبلور هذه الأفكار لديك؟  دعني أوضح لك أولا أن التركيبات الموسيقية في إسبانيا تعتمد جملة وتفصيلا على التراث الأندلسي الموسيقي، فكل الموسيقيين الإسبان، وفي مقدمتهم “مانويل ديفاير” و”تونيتو”، يستعملون خصائص الموسيقى الأندلسية كنقطة انطلاق وكقاعدة أساسية تبدأ بها أعمالهم، فتوظيفهم للمصطلحات والمفردات صورة بادية بوضوح أكبر في الموسيقى الإسبانية لا يمكن الاستغناء عنها، وقد لعبت المدرسة والبيئة دورا كبيرا في بلورة أفكاري وتنمية معارفي، حيث بدأت قيادة الأركسترا وأنا أبلغ من العمر 20 سنة، حققت خلالها قفزات سمحت لي أن أُلِمَّ بجوامع الموسيقى الكلاسيكية بشكل لا بأس به. وقد كان للتراث الأندلسي الذي كان يحيط بي من كل جانب في اسبانيا أثر قوي في ذلك، رغم إنني لست أندلسيا لكن المنطقة التي أنتمي إليها بفالنسيا يمتد تاريخها الأندلسي إلى 7 قرون خلت، هذه الظروف عملت على التأثير في حياتي الشخصية والمهنية وأضحت جزءا لا يتجزأ من حياتي اليومية في شتى النواحي، فصرت لا أستغني عن التراث الأندلسي وكذا توظيف أنواعه الموسيقية في صنع الموسيقى السيمفونية، وبالتالي فإن مسيرتي الشخصية والفنية تدخلت في تسييرها ظروف تركت بصمة جميلة وقيمة لا تبعث أبدا على الندم، بل تدعوك لأن تفخر وتعتز بمثل هذه الحضارة وهذا التراث العريق. هل نلمح هذه البصمة فيك هنا بالجزائر؟   لأجل هذا السبب أنا جد سعيد بالجزائر، لأن الارتباط وثيق بيننا، فلدينا قاسم مشترك يجمعنا، ولا أقصد الاختلاف المتعلق بالموسيقى السيمفونية بل أعني الحضارة الأندلسية بإسبانيا ، لكن أقول هذا بحكم بيئتي  والتاريخ الأندلسي الإسلامي اللذين استطاعا أن يصنعا الفرق في حياتي ويجعلاني أستلهم من التراث الأندلسي وأتخذه مرجعا لانطلاقة أعمالي.    حوار: حسان مرابط    


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)