الجزائر

عادات الجزائريين في‮ ‬عاشوراء في‮ ‬ميزان الشّرع



عادات الجزائريين في‮ ‬عاشوراء في‮ ‬ميزان الشّرع
معتقداتٌ‮ ‬وعادات كثيرة ترتبط بعاشوراء،‮ ‬توارثها الجزائريون أبا عن جدّ،‮ ‬منها ما هو مشترك بين مختلف مناطق الوطن،‮ ‬ومنها ما‮ ‬يختلف من منطقة إلى أخرى؛ معتقدات تتأرجح بين التفاؤل والتّشاؤم،‮ ‬وعادات تتنوّع بين ما هو متعلّق بالمآكل والأطباق،‮ ‬وبين ما هو متعلّق بالزينة والبيوت‮.‬ولعلّ‮ ‬من أبرز تلك العادات التي‮ ‬كادت تكون محلّ‮ ‬اتّفاق بين الجزائريين‮: ‬التوسّع ليلة عاشوراء في‮ ‬أطباق الطّعام،‮ ‬وألوانه وأنواعه،‮ ‬كالرشتة والشخشوخة والكسكسي‮ ‬والشّربة،‮ ‬التي‮ ‬تشترط بعض العائلات أن تكون مطبوخة بلحم الدّجاج،‮ ‬وبعضها‮ ‬يزيد على ذلك فيشترط أن‮ ‬يكون الدّجاج من النّوع العربيّ،‮ ‬بينما تزيد أسر أخرى شرطا آخر بأن‮ ‬يذبح الدّجاج في‮ ‬البيت،‮ ‬وتعتقد أنّ‮ ‬ذلك فأل خير من شأنه إبعاد العين والحسد عن أهل البيت‮!‬في‮ ‬حين تلتزم أسر أخرى بإعداد أطباق عاشوراء باللّحم المدّخر من أضحية العيد،‮ ‬بعد تجفيفه وتصبيره،‮ ‬وقد تتقصّد أجزاء معيّنة من الأضحية كالأضلاع والظّهر،‮ ‬تجفّف أو تجمّد خصيصا لهذه المناسبة‮.‬وتتوسّع عائلات كثيرة في‮ ‬شرق البلاد في‮ ‬أطباق عاشوراء،‮ ‬وتحرص على إعداد الحلوى والمكسّرات،‮ ‬التي‮ ‬تزيّن موائد الطّعام بعد العشاء،‮ ‬وتوزّع على الأطفال‮. ‬ويبدي‮ ‬بعض الجزائريين من كبار السنّ‮ ‬خاصّة،‮ ‬في‮ ‬بعض المناطق،‮ ‬حرصا بالغا على اقتناء كلّ‮ ‬حاجيات ومستلزمات البيت من المواد الغذائية‮ ‬يوم عاشوراء،‮ ‬اعتقادا منهم أن اقتناءها دفعة واحدة في‮ ‬هذا اليوم‮ ‬يجلب الخير الكثير ويجعل العام عام خير عليهم‮.‬كما تحرص بعض النّساء في‮ ‬بعض المناطق على عادات معيّنة ترتبط باعتقاد أنّها فأل خير تجلب البركة لأهل البيت،‮ ‬منها فتح كلّ‮ ‬الأبواب المغلقة كأبواب الخزائن والغرف والنوافذ وترديد عبارة‮ "‬نفتح كلّ‮ ‬ما هو مغلق حتى‮ ‬يدخل إلينا الرزق‮". ‬وتحرص كثير منهنّ‮ ‬على وضع الكحل ليلة عاشوراء اعتقادا منهنّ‮ ‬أنّ‮ ‬من قامت بذلك لن تمرض عيناها أبدا،‮ ‬كما‮ ‬يحرصن على الخضاب بالحناء،‮ ‬اعتقادا أنّ‮ ‬الحنّاء ليلة عاشوراء فأل خير للبنات،‮ ‬حيث‮ ‬يقلن‮: "‬نضع الحناء للبنات حتى تحنّ‮ ‬قلوبهن‮".‬كما تحرص بعض النّساء على قصّ‮ ‬شيء من شعورهنّ‮ ‬اعتقادا أن ذلك‮ ‬يزيد من طوله وجماله،‮ ‬وتشترط بعض النّساء في‮ ‬مدينة سطيف خاصّة وضع خصلات الشّعر التي‮ ‬يتمّ‮ ‬قصّها على شجرة الصفصاف حتى‮ ‬يكون الشّعر كثيفا كأوراق هذه الشّجرة‮.‬وفي‮ ‬مقابل هذه العادات التي‮ ‬تُربط بالتفاؤل والفأل الحسن،‮ ‬فإنّ‮ ‬بعض النّساء‮ ‬يتوارثن اعتقادات مرتبطة بعاشوراء تنحى منحى التشاؤم بهذا اليوم،‮ ‬كاعتقاد بعضهنّ‮ ‬تحريم الخياطة،‮ ‬وأنّ‮ ‬من تفعل ذلك في‮ ‬هذا اليوم تصاب‮ ‬يدها بالارتعاش عند الكبر،‮ ‬وتبالغ‮ ‬بعضهنّ‮ ‬في‮ ‬هذا الأمر فيعتقدن تحريم لمس أدوات الخياطة عامّة،‮ ‬كما تتشاءم بعض الأسر من كنس البيوت‮ ‬يوم عاشوراء،‮ ‬وبعضها‮ ‬يعتقد كراهة عقد القران وزفّ‮ ‬العروس إلى زوجها في‮ ‬هذا اليوم‮.‬عادات ومعتقدات عاشوراء في‮ ‬ميزان الشّرعهذه العادات المرتبطة بعاشوراء،‮ ‬التي‮ ‬توارثها كثير من الجزائريين من دون بحث أو سؤال عن مصدرها ومنشئها،‮ ‬شأنها شأن كثير من العادات التي‮ ‬تعلّقت بأغلب المناسبات الدينية،‮ ‬لا ترجع في‮ ‬أصلها إلى ما استحسنه الشّرع وأقرّه العلماء،‮ ‬وإنّما ترجع إلى ما استحسنه العامّة واستساغوه،‮ ‬وقد أحصى بعض الفقهاء خصائص عاشوراء التي‮ ‬لا تستند إلى دليل من الشّرع وأوصلوها إلى‮ ‬12‮ ‬خصلة،‮ ‬هي‮: ‬الصلاة والصّدقة وصلة الأرحام وقراءة سورة الإخلاص ألف مرة،‮ ‬والاغتسال والاكتحال والخضاب وتقليم الأظافر،‮ ‬وزيارة عالم وعيادة مريض ومسح رأس‮ ‬يتيم،‮ ‬والتوسعة على العيال‮.‬وقالوا إنّه لا دليل على خصوصية استحبابها هذا اليوم،‮ ‬يقول ابن تيمية‮: "‬لم‮ ‬يستحب أحد من أئمة المسلمين الاغتسال‮ ‬يوم عاشوراء ولا الكحل فيه والخضاب وأمثال ذلك،‮ ‬ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين‮ ‬يقتدى بهم ويرجع إليهم في‮ ‬معرفة ما أمر الله به ونهى عنه ولا فعل ذلك رسول الله ولا الخلفاء‮".‬ويُرجع بعض العلماء أصل هذه العادات إلى بعض الدّول الطّائفية التي‮ ‬قامت في‮ ‬بلاد المسلمين،‮ ‬كالدّولة العبيدية‮ (‬الفاطميّة‮) ‬التي‮ ‬قامت في‮ ‬شمال إفريقيا أواخر القرن الثالث الهجري،‮ ‬وفي‮ ‬مصر أواسط القرن الرابع الهجريّ،‮ ‬وإلى هذه الدولة الشيعية‮ ‬ينسب بعض الباحثين كثيرا من هذه العادات،‮ ‬خاصّة ما تعلّق منها بالتشاؤم من‮ ‬يوم عاشوراء،‮ ‬وكراهة بعض الأعمال فيه كالزواج والخياطة وكنس البيوت،‮ ‬وغير ذلك‮.‬وبالغ‮ ‬بعض الباحثين في‮ ‬عزو هذه العادات والاعتقادات المرتبطة بعاشوراء في‮ ‬الجزائر خاصّة وفي‮ ‬المغرب العربيّ‮ ‬عامّة،‮ ‬فرجعوا بها إلى دولة قامت في‮ ‬هذه المنطقة في‮ ‬القرن الثاني‮ ‬الهجريّ،‮ ‬على‮ ‬يد رجل‮ ‬يدعى‮ "‬صالح بن طريف البربري‮". ‬عاش هذا الرّجل هو وقبيلته في‮ ‬المغرب الأقصى في‮ ‬القرن‮ ‬02ه‮/ ‬08م،‮ ‬حيث انتحل دعوى النبوّة،‮ ‬ووضع لأتباعه دينا جديدا ووضع لهم شرائع عمد فيها إلى تحريف شرائع الإسلام عن أوقاتها وهيئاتها‮. ‬وكان من تحريفاته أنّه جعل عيد الأضحى في‮ ‬اليوم ال11‮ ‬من محرّم،‮ ‬واخترع لأتباعه في‮ ‬هذا العيد طقوسا وألزمهم معتقدات تطاول عليها الزمان فيما بعد وظنّ‮ ‬النّاس أنّها من الإسلام،‮ ‬وربطوها بعاشوراء،‮ ‬منها اعتقاد حُرمة الخِياطة في‮ ‬هذا اليوم،‮ ‬واعتقاد حُرمة العمل فيه،‮ ‬ومن هنا جاءت عادة جعل‮ ‬يوم عاشوراء‮ ‬يوم عطلة،‮ ‬ومنها أنّ‮ ‬من عجز عن ذبح الأنعام في‮ ‬يوم العيد الموافق لل11‮ ‬محرّم لزمه أن‮ ‬يذبح الدّجاج،‮ ‬ومن لم‮ ‬يذبح فقد استهان بيوم عاشوراء،‮ ‬ومن هنا جاءت عادة ذبح الدّجاج ليلة عاشوراء‮. ‬ومنها اعتقادهم وجوب تطهير أموالهم بالزّكاة في‮ ‬هذا اليوم،‮ ‬ومن هنا جاء ربط الزّكاة بعاشوراء‮.‬لأجل هذا،‮ ‬فإنّنا ننصح إخواننا الجزائريين أن‮ ‬يعودوا إلى معين الشّرع المطهّر في‮ ‬هذا الباب؛ فيوم عاشوراء في‮ ‬ديننا هو‮ ‬يوم صالح كيوم عرفة،‮ ‬وليس‮ ‬يوم عيد وفرح وسرور،‮ ‬ولا‮ ‬يوم حزن وبكاء،‮ ‬يُتقرّب إلى الله بصيامه وصيام‮ ‬يوم قبله أو بعده،‮ ‬أمّا سائر العادات والاعتقادات فلعلّها تكون أقرب إلى الذّنب المغفور منها إلى السّعي‮ ‬المشكور،‮ ‬خاصّة إذا ارتبطت بعقائد باطلة ما أنزل الله بها من سلطان،‮ ‬كالتطير بالخياطة وكنس البيوت وعقد القران،‮ ‬والتفاؤل بالخضاب والكحل وقصّ‮ ‬الشّعر وفتح الأبواب‮.‬




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)