الجزائر

ظهر في عصرنا ما يُسمَى بالبيع بالتّقسيط، وقد تعدّدت صوره وتفرّعَت وتوسّعت نظراً لما يحقّقه هذا النّوع من البيع من مصالح تعود على البائع والمشتري على حدٍّ سواء، هل يمكن إفادتنا بذكر الحكم الشّرعي فيما يخصّ المسائل المتعلّقة بصُوره؟


قبل أن نذكر الحكم الشّرعي في كلّ مسألة من المسائل المطروحة، لا بأس أن نمهِّد لذلك بالحكم الشّرعي في البيع بالتّقسيط في حدِّ ذاته، فقد تعدّدت أقوال العلماء، واختلفت بين مُجيز له ومانِع، ولكلٍّ أدلّتُه ومُسْتَنَدَه، والّذي ذهب إليه الجمهور هو جوازه بشروط، وأدلّتهم في ذلك ما يلي: عموم الأدلّة القاضية بأنّ الأصل في المعاملات والبيوع الحِلّ والإباحة، منها قوله تعالى: {وأحَلَّ اللهُ البيعُ وحرَّم الرِّبا}، وقوله سبحانه: {إلاّ أن تكونَ تجارة عن تَرَاض منكم}.
وما رُوي أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أمَرَ عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، أن يُجهِّز جيشاً، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل'' أخرجه أبو داود وأحمد، وهو دليل على جواز أخذ زيادة على الثمن مقابل الأجَل.
أمّا من القياس والمعقول، فقاسوا على السٍّلَم، ذلك أنّ البائع في السلَم يبيع في ذِمِّته سلعةً يصحّ السلَم فيها بثمن حاضر أقلّ من الثمن الّذي تُباع به في وقت السلَم، فيكون المسلم فيه مؤجّلاً والثّمن معجّلاً، فهو عكس مسألة البيع بالتّقسيط، حيث يؤخّر الثمن إلى أجل ويُعجّل أخذ السّلعة. كما قاسوا على بيع المُرَابَحة الجائز شرعاً، والّذي يشترط فيه الزيادة في السِّعر مقابل الأجَل شرط أن لا تكون زيادة فاحشة، وفي البيع بالتّقسيط أيضاً يُراد في الثّمن مقابل الأجَل المعلوم. أمّا عن الشروط المتعلّقة بجواز البيع بالتّقسيط، فهي رضا المتعاقدين، وأن يكون الأجَل فيه معلوماً، مع العلم بالثمن الأوّل في حال التّعجيل وبالثمن الثاني في حال التأجيل.
ولا شكّ في أنّ للبيع بالتّقسيط مزايا ومحاسن تعود على البائع والمشتري، حيث أنّ الشركات والمؤسسات التجارية والمحلات الّتي تتعامل بهذا النوع من البيوع، تقدِّم تسهيلات لذوي الدخل المحدود ممّن لا يستطيعون دفع أثمان السّلع الّتي يحتاجون إليها بثمن حال، كما يعمل على ترويج السّلع والبضائع كيلا تبقى مكدّسة عند الباعة. إلاّ أنّه لابدّ أن تُعلم أحكام صور البيع بالتّقسيط من جهة الشّرع، لتنوّعها في الوقت الحالي وتعدّدها، إذ الحكم بجواز هذا النّوع من البيوع ليس على إطلاقه، فما اعترتْه صورة محرّمة حُرِّم لأجلها.. والله أعلَم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)