المركز الوطني للسينما يقدم أفلاما تشتغل على إعادة تركيب الوقائع وبعث الشخصيات التاريخية ذات العلاقة بزمنها والمؤثرة فيه.
الظواهر الدينية والفولكلورية مادة خصبة للأفلام
الجزائر – أطلق المركز الوطني للسينما والسمعي البصري في الجزائر برنامج عروض أفلام افتراضية، تبث طيلة شهر رمضان عبر صفحته على الفيسبوك.
وانطلق برنامج العروض السينمائية الافتراضية الخاصة بشهر رمضان في يومه الأول بعرض الفيلم الوثائقي “سيدي بومدين شعيب الغوث” للمخرج يحيى مزاحم والذي يستمر عرضه إلى غاية اليوم الثاني من الشهر.
ويسرد لنا مزاحم من خلال فيلمه الحياة الروحية للشيخ الفقيه سيدي بومدين شعيب الغوث، الذي ولد في إشبيلية عام 1126 م، وتوفي بتلمسان سنة 1198 م. واسمه الحقيقي شعيب بن الحسين الأنصاري وشهرته أبومدين التلمساني، حاز كثيرا من الألقاب مثل شيخ الشيوخ ومعلم المعلمين، فهو فقيه ومتصوف وشاعر أندلسي، يعد مؤسس إحدى أهم مدارس التصوف في بلاد المغرب العربي والأندلس، وقد تعلم في إشبيلية وفاس وقضى أغلب حياته في بجاية وكثر أتباعه هناك واشتهر أمره.
وشى به البعض عند يعقوب المنصور الموحدي بمراكش، فبعث إليه الخليفة للقدوم إليه لينظر في مزاعم حول خطورته على الدولة الموحدية، وفي طريقه مرض وتوفي نواحي تلمسان، وبنى سلاطين بني مرين بضريحه مسجدا ومدرسة.
أفلام الوثائقية توثق كتابة السيرة الذاتية السردية بصريا من خلال الاشتغال على إعادة تركيب الوقائع التاريخية وبعث الشخصيات ذات العلاقة بزمنها ومجتمعاتها وتأثيرها فيهما
كما سيعرض في نفس الإطار الفيلم الوثائقي “دار الحديث فضاء علم وعبادة” للمخرج السعيد عولمي، الذي يروي ذاكرة أول مدرسة جزائرية بنتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1934، وقد اعتمد المخرج في عمله، الذي تطلب عاما كاملا، على الشهادات الحية لبعض الأساتذة والتلاميذ الذين انتموا إلى هذه المدرسة، وكذلك قام باستجواب بعض المؤرخين على غرار محمد القورصو وعبدالحميد حاجيات، كما استند إلى الأرشيف واستنطاق الأماكن التي لها علاقة بدار الحديث.
وقد أبدع عولمي في تحريك عدسة الكاميرا بين أروقة وأقسام وطاولات مدرسة الحديث، التي تخرجت منها أجيال كثيرة وتتلمذ فيها أهم المشايخ بالمنطقة ووقفت حائلا في وجه طمس اللغة العربية من طرف المستعمر الفرنسي الذي حاول بشتى الوسائل غلق دار الحديث التي تعتبر رمزا من رموز الهوية الوطنية.
كما يعرض المركز الفيلم الوثائقي “ركب سيدي الشيخ” للمخرج محمد الشريف بقة، وهو الفيلم الذي يتتبع الركب وهي طقوس جزائرية قديمة تنظم سنويا تجمع بين ما هو ديني وفولكلوري على غرار بقية بلدان المغرب العربي، وينظم سكان منطقة أولاد سيدي الشيخ سنويا فعاليات “الوعدة” التي تحمل اسم وليهم الصالح والذي عاش الحقبة الممتدة من 940 هـ/ 1533 م إلى 1025 هـ/ 1616 م، ولا تزال مجرياتها مستمرة على امتداد حوالي خمسة قرون وهو الأب الروحي المسمى بسيدي عبدالقادر محمد الملقب بسيدي الشيخ الذي يقام له احتفال كل سنة.
توثيق لطقوس جزائرية قديمة
كما يشمل برنامج عروض الأفلام الافتراضية لذات المؤسسة السينمائية بمناسبة شهر رمضان عرض فيلم الوثائقي “تيميمون” للمخرج أحمد لعروسي وكذا عرض الوثائقي “حلم النسور”، ويعالج هذا الفيلم الوثائقي للمخرج محمد حازورلي في 52 دقيقة المسار العسكري للأمير عبدالقادر من خلال مواجهته لـ142 جنرالا فرنسيا وقيادته لزهاء 115 معركة كبرى عبر مختلف ولايات الوطن على غرار معركتي “المقطع” و”الكرمة” وغيرهما. كما يتطرق هذا العمل أيضا إلى أهم المآثر التاريخية التي تعود إلى عهد الأمير عبدالقادر.
وتخصص ليلة السابع والعشرون من رمضان لعرض الفيلم الوثائقي “الشيخ محمد بن عبدالكريم المغيلي” لمخرجه العربي لكحل.
وتختتم العروض الافتراضية يوم 8 مايو القادم بعرض الفيلم الوثائقي الموسوم بـ”قصة العلم الجزائري” للمخرج سيد أحمد حلالشي، وذلك بالتزامن مع إحياء ذكرى مجازر 8 ماي 1945.
وتنضبط هذه الأفلام لمعايير الفيلم الوثائقي حيث تقدم للمشاهد شخصيات حقيقية وأحداثا تاريخية موثقة، غير أن المخرجين، على غرار الأفلام الوثائقية في مختلف أنحاء العالم، استخدموا في أعمالهم مجموعة كبيرة من الحيل من أجل تأكيد صدقية ما يقدمونه خاصة وأن بعضها عن شخصيات راحلة منذ قرون، ما يمنح الفرصة للمخرج للاشتغال أكثر على الخيال في رصد وسرد الوقائع.
وتسعى مختلف هذه الأفلام الوثائقية إلى كتابة السيرة الذاتية السردية بصريا من خلال الاشتغال على إعادة تركيب الوقائع التاريخية وبعث الشخصيات ذات العلاقة بزمنها ومجتمعاتها وتأثيرها فيهما، إما بحثا عن حقيقة أو تقديما لخطاب مغاير للسائد أو تأكيدا لقراءة أخرى.
تاريخ الإضافة : 15/04/2021
مضاف من طرف : tlemcen2011
المصدر : alarab.co.uk