الجزائر

طي صفحة الماضي، بعث الاقتصاد ومحاربة الإرهاب



طي صفحة الماضي، بعث الاقتصاد ومحاربة الإرهاب
تعهد الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، في أول تصريح أدلى به بعد انتخابه رئيسا للبلاد بطي صفحة "التسلط" وفتح أخرى باتجاه بناء دولة ديمقراطية تضمن الحريات الجماعية والفردية لكل شرائح المجتمع التونسي، وقال إن الهيمنة والتسلط مجرد ذكرى ولن تكون عودة إليهما.وتعمّد الرئيس التونسي الجديد التأكيد على فكرة التسلط في رسالة طمأنة باتجاه الناخبين التونسيين وبصفة خاصة باتجاه شباب ثورة الياسمين، وسكان ولايات جنوب البلاد الذين صوتوا لصالح منافسه منصف المرزوقي الذين رأوا فيه مجرد وجه آخر للنظام البائد بالنظر الى المسؤوليات التي تقلدها في عهدي الرئيسين الحبيب بورڤيبة وزين العابدين بن علي.وقال السبسي الذي يتولى منصب رئيس الجمهورية الثانية في تونس، وهو في نهاية عقده الثامن "إنني هنا من اجل طي هذه الصفحة نهائيا والنظر باتجاه المستقبل". ورغم الانتقادات التي وجهت له على ماضيه السياسي وسنّه المتقدم والنعوت التي وصف بها وخطابه السياسي إلا أن الباجي قائد السبسي، تمكن من خلط الأوراق في المشهد التونسي وفي زخم ثورة تمكن من كسب أصوات 1,7 مليون ناخب تونسي متقدما على الرئيس الانتقالي محمد المنصف المرزوقي، الذي لم يتمكن من المحافظة على هذا المنصب رغم السنوات الأربع التي قضاها على رأس الدولة التونسية.والمؤكد أن الرئيس التونسي الجديد لا يمكنه العودة الى أساليب النظام السابق في إدارة الشأن العام أولا بسبب دستور البلاد الجديد الذي حد من صلاحيات الرئيس وأيضا بسبب الوعي الذي اكتسبه الرأي العام التونسي الذي كسر حاجز الخوف وثار على النظام السابق.والواقع أن تونس بعد الانجاز الذي حققته لا يمكنها العودة الى الوراء لأن سلطاتها الجديدة ستجد نفسها مطالبة بالبحث عما هو أرقى وأكثر تفتحا وانفتاحا وديمقراطية لشعب أبان على نضج سياسي كبير.ولذلك فإن الامتحان الأصعب الذي ينتظر تونس التي اجتازت امتحانها السياسي بسلام سيبقى دون شك إيجاد حلول لتمازج الإشكالية الاقتصادية والاجتماعية ضمن رهان لتحقيق التوافق بين مطالب اجتماعية متزايدة وبين اقتصاد عرف هزات عنيفة بسبب تداعيات "ثورة الياسمين"، التي أثرت على وتيرة الإنتاج التونسي والصناعة السياحية وانعكس ذلك بشكل سلب على الطبقات الهشة من عامة التونسيين.ولذلك فإن العبء الأكبر سيكون على "ظهر" الحكومة الجديدة ورئيسها الذي بقدر ما منحت له صلاحيات واسعة في اتخاذ القرارات بقدر ما يكون في مواجهة مطالب متزايدة لمجتمع يريد جني ثمار ثورته أربع سنوات بعد نجاحها.وهو الرهان الذي يستدعي تشكيل حكومة توافق التي تبقى أمرا حتميا إذا أخذنا بتشكيلة البرلمان المنتخب التي انقسمت بين عدة أحزاب، بما يستدعي إيجاد ائتلاف حكومي متجانس يضمن الاستمرارية وتفادي أية هزات في المسير.وهي أول مهمة سيركز عليها الرئيس السبسي، ضمن أولى القرارات التي سيتخذها بما يحتم عليها الدخول في اتصالات مع مختلف الأحزاب السياسية والتركيز سيكون منصبا على حركة النهضة الإسلامية القوة النيابية الثانية التي لا يمكن القفز عليها في أية ترتيبات سياسية قادمة.وأدرك راشد الغنوشي، وزنه السياسي مما جعله يتعامل مع التطورات والمواعيد التي عرفتها تونس بكثير من البراغماتية عندما رفض تقديم مرشح عن حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية وقبله عدم الترشح في كل الدوائر الانتخابية للانتخابات العامة نهاية شهر أكتوبر، والأكثر من ذلك أنه أبقى حزبه محايدا في انتخابات الرئاسة، وهي كلها مواقف استشرافية أراد الغنوشي استثمارها لهذه المرحلة لإدراكه أن كلمة الفصل في اتخاذ القرارات تعود للحكومة المنبثقة عن البرلمان وليس لرئيس الجمهورية.وتشكيل حكومة متجانسة ومتوافقة يبقى من بين أهم الرهانات التي سيركز عليها الرئيس التونسي الجديد لمواجهة تحدي الإرهاب الذي فرض نفسه على المجتمع التونسي من خلال عمليات مسلحة لم يعهدها التونسيون من قبل. وهو ما يستدعي جهدا عسكريا وماليا إضافيا لتأهيل قوات الأمن التونسية على مواجهة هذا التحدي الذي يستدعي تضافرا للجهود والإمكانيات التي سوف لن تكون بالضرورة في المتناول لاقتصاد يريد الخروج من الدائرة الحمراء باتخاذ النمو المنشود.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)