استقبلت مكتبة "العالم الثالث" بالعاصمة، ظهيرة أوّل أمس، الكاتبة جوهر أمحيس، التي أشرفت على عملية بيع بالإهداء لكتابها الجديد "طاهر جاوت، ناسج النور" ضمّنته قراءاتها لهذا الأديب والصحفي المبدع الذي ساهم بأفكاره النيرة في صياغة فكر وإبداع جزائري جديد.جلست السيدة أمحيس تنتظر بعض الوافدين الشغوفين بالأدب والفكر الجزائري المعاصر، بعضهم كان يحصل على الكتاب ثم لا ينصرف إذ يفضّل الاستماع لصاحبة الكتاب وهي تثير بعض الاهتمامات السائدة في الساحة الثقافية الجزائرية اليوم، وتحاول التعليق عليها وتفسيرها بكلّ موضوعية واتزان، وجلب هذا النقاش الراقي والهادئ من سيدة صقلتها تجارب الحياة، بعض زبائن المكتبة الذين كانوا كثرا، أوّل أمس، فراحوا بفضولهم يتقدّمون إلى طاولة السيدة أمحيس للاستفادة ومن ثم تصفّح كتابها وإثارة بعض التساؤلات بشأنه.في حديثها ل«المساء" أشارت الكاتبة إلى أنّها اختارت هذه المرة الراحل جاوت باعتباره مبدعا جزائريا أثرى بأفكاره النيرة والشجاعة الفكر الإنساني، ناهيك عن قيمته الأدبية في الكتابة وما تحمله من قيم وجمال وصور حبكت بخلطة سحرية عجيبة تستحق الاكتشاف والمتعة، وتقول السيدة أمحيس؛ "سبق لي وأن خضت التجربة مع مبدعين جزائريين آخرين تركوا بصمتهم في تراثنا الأدبي منهم مثلا مولود معمري، بن هدوقة، مولود فرعون ومحمد ديب وغيرهم وكان هدفي دوما أن أعرّف بهذا التراث الزاخر في أدبنا للأجيال الجديدة محاولة من خلال هذا الجهد مساعدة شبابنا على فهم هذا التراث الأدبي الجميل".وتضيف وهي في حالة تذمر "أهمل شبابنا الثقافة بعدما تراجعت الترجمة وبعد أن أصبحت المدرسة لا تنقل للتلميذ متعة المطالعة وغيرها من المتسبّبات فكان من واجبي كجزائرية وكأمّ وكمربية قضت عمرها في التعليم أن أعرّف بعمالقة أدبنا وبرجالاته ذوي القامات الكبيرة الذين انتشرت سمعتهم وأعمالهم في كل الأصقاع وكان من بينهم ديب، معمري، فرعون ومالك وبن هدوقة وطاوس عمروش وغيرهم واليوم جاء الدور ليعود الراحل جاوت".بالنسبة للسيدة أمحيس، فإنّ النسيان أسوأ من الموت ذلك لأنّنا –حسبها- عندما ننسى فإننا سنمحى من خريطة الوجود، وتعلّق؛ "أنا أمثّل جيلا حمل على عاتقه المسؤولية ثمّ أنّني كمربية ومعلمة مع غيري من الزملاء ليس لنا الحق أن نعزّز هذا الموت مرة ثانية".تحدثت الكاتبة ل«المساء" عن تجربتها المتمثّلة في الدليل المدرسي الذي أنجزته لفائدة طلبة الثانويات والذي أثار اهتمام القراء أيضا وهو أمر أسعدها وثمّن مجهودها وتحكي كيف قابلها القراء وهم يصرحون لها "الآن فهمنا!" وهنا تستغل الموقف وتقترح عليهم أن يقرؤوا تلك الروائع بعدما أعجبتهم الملخصات والتقديمات التي اقترحتها هي سابقا.ترى هذه الكاتبة أنّ على المعلم والمحيط عموما أن يرعى فعل القراءة باعتباره فعلا مثمرا وممتعا ومفيدا مستحضرة مقولة الكاتب الفرنسي غي دومونباسون "نقرأ لنعيش"، وكذلك يقول الراحل مولود معمري "الثقافة كل ما يجعلنا نعيش".تؤكّد السيدة أمحيس أنّ القراءة هي ترجمة لتجارب مختلفة يستفيد منها القارئ دون أن يعيشها أو يخوضها بنفسه وهي عالم آخر يفتح للعقل والوجدان آفاق واسعة من المعرفة والأحاسيس والمغامرات وغيرها من فنون وتجارب الحياة وتعطي القدرة على التفكير والاختيار عوض الانبهار وبلع كلّ ما يقدّم، خاصة لدى شبابنا الذي ملكته وسائل الاتصال بعد أن غاب عنه التكوين والتحصيل والقراءة فبقي يبلع ويبلع دون أن يفكر.أشارت السيدة أمحيس إلى أنّ الجهات الرسمية اختارت بعض كتبها لإدراجها في المنظومة التربوية على مستوى الثانويات وهو أمر يسعدها ليس من أجل الربح المادي فهو جد زهيد لكن من أجل تعميم الثقافة في أوساط شبابنا.للتذكير، فإنّ الكاتبة متحصّلة على ليسانس في الآداب المعاصرة دخلت مجال التعليم الثانوي سنة 1961 لتصبح مفتشة فيه سنة 1968 وتعيش التقاعد منذ سنة 1983 حيث تفرّغت للكتابة ولتتحصّل على الكثير من الجوائز منها جائزة محفوظ بوسبسي سنة 2012، وتواصل دوما كشف روائع الأدب الجزائري لفئة الشباب وتستمر في مشروعها "قراءات" وهو تقديم لبعض الأعمال الأدبية، كما اشتغلت بالتعريف بالشعر القبائلي.يأتي كتاب المؤلفة الجديد عن الراحل جاوت (حجم متوسط) ليبرز مدى ارتباط أمحيس بأعمال هذا المبدع الذي اغتالته يد الإرهاب سنة 1993 بعد مشوار حافل رشّحه به النقاد لأن يكون خليفة الراحلين مولود معمري ومولود فرعون، كتب بلغة فولتير وبالأمازيغية ومن مؤلفاته "انقلاب شائك" (شعر سنة 1975)، "العصفور المعدني" (شعر 1982)، "منزوع الملكية" (رواية 1984) و«الباحثون عن العظام" و«اختراع الصحراء" و«الكلمات المهاجرة" و«العسس" وكلّها روايات.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 14/09/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : مريم ن
المصدر : www.el-massa.com