شيّد هذا الضريح بأمر من الأمير الناصر بن المنصور الموحدي بعد وفاة العالم الفقيه أبا مدين شعيب في سنة 594هـ بالقرب من قرية العبّاد. ويشكل الضريح جزء من أربعة هياكل يضمّها مجمع سيدي أبي مدين وهي: الجامع والمدرسة والضريح ودار السلطان. ويوجد باب الضريح مقابل باب المسجد، يؤدي إلى مدرج ينزل بواسطته إلى قبر الشيخ أبي مدين شعيب. وهذا الباب صغير ذو قوس منكسر يحيط به إطار من الفسيفساء أو الزليج ذي الألوان المختلفة، وتعلوه شرعة تستند على عمودين صغيرين من الخشب لهما تاجان بديعا الشكل.
وفي أسفل الدرج توجد مقبرة على اليمين تضم رفات علماء من أهل تلمسان، ثم يتم الدخول إلى صحن مربع الشكل تحيط به أروقة على شكل حدوة فرس في غاية الإتقان، فوقه قبة محمولة على قناطر تحملها أربعة أعمدة من المرمر ذات تاجين، قيل أنها جلبت من دار الفتح بالمنصورة بعد تخريبها من طرف سكان تلمسان.
أما أرضية الصحن وجدرانه فهي مغشاة بالفسيفساء الملونة تتخللها شواهد من الرخام لقبور بعض أعلام المدينة، وعلى يسار مدخل الصحن توجد بئر عميقة ذات ماء عذب، ويوجد ضريح أبو مدين على يمين مدخل الصحن. وهو باب صغير فوقه إطار ذو حواشي جبسية رسمت عليها خطوط عربية تعود إلى الفترة التركية.
وفي داخل الضريح غرفة مربعة يعلوها سقف ملوّن جميل، هرمي الشكل في الخارج ومقسم داخليا إلى عدة صفحات . يدخل الضوء إلى هذه الغرفة من أربعة نوافذ صغيرة تضئ قبري الشيخين أبي مدين شعيب على اليمين والفقيه ابن عبد السلام التونسي المتوفى عام 589هـ بالعباد على اليسار. وصار هذا الضريح مقصدا للزوار من أهل تلمسان ومن خارجها للعبادة بالجامع والتعلم بالمدرسة والتبرك بالضريح، حتى قال في ذلك الشاعر الأندلسي أبو عبد الله محمد بن يوسف القيسي قصيدة منها الأبيات التالية:
ولتغد للعبّاد منها غدوة تصبح هموم النفس عنك بمعزل
وضريح تاج العارفين شعيبا زره هناك فحبذا ذلك الولي
فمزاره للدين والدنيا معا تمحي ذنوبك أو كروبك تنجلي 1
1 : أنظر: يحي بن خلدون: بغية الرواد، ج1، تحقيق: ألفرد بال، الجزائر،1903.
تاريخ الإضافة : 07/09/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : http://www.almasalik.com