تتجلى للوافد إلى القرية منذ الوهلة الأولى مظاهر الفقر المدقع الذي يتخبط فيه سكانها، بدءا بالمدرسة الابتدائية التي جزم القائمون عليها من المعلمين والمعلمات أن الفقر أثر سلبا على التحصيل العلمي للتلاميذ المحرومين حتى من كوب من الحليب صباحا، بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها غالبية العائلات بهذه القرية المنسية تحت رمال سوف العميقة• انعدام النقل ساهم في عزل القرية وتوقف البنات عن الدراسة يشتكي سكان قرية بلغيث من انعدام وسائل النقل، حيث أن الوسيلة الوحيدة هي حافلة النقل المدرسي التي تنطلق على الساعة السابعة صباحا من القرية نحو مقر البلدية وتحمل معها أزيد من 25 تلميذا يدرسون في الصف الإكمالي ببلدية "اميه ونسه"، بينما البنات فأغلبهن يفضلن التوقف الدراسة بسبب رفض آبائهم تنقلهن في وضعية صعبة للغاية في رحلة لإكمالية مقر البلدية التي تبعد بنحو 25 كلم وتستغرق الرحلة في غالب الأحيان أكثر من 40 دقيقة• تنقلنا للقرية بوسائلنا الخاصة، ولدى وصولنا التقينا بعمي" العيد" أحد معمري هذه القرية، وصرح لـ"الفجر" أن القرية تنقصها عدة أشياء أبرزها برامج السكن الريفي "حيث لم يستفد لحد الآن سوى ثلاثة أو أربعة مواطنون من الدعم الفلاحي بالرغم من حاجة جميع سكان القرية لمثل هذه المساعدات"، مضيفا أن المواطن يبقى عاجزا عن ترميم مسكنه ما لم تتدخل الدولة لإعانته• وفي هذا الصدد يطالب عمي"العيد" من المصالح المختصة التدخل العاجل ومنح القرية برنامجا خاصا بهذه المناطق المعزولة، حيث يتساءل لماذا يمنح دعم السكن الريفي في مقرات البلدية بكثرة في حين تحرم القرى النائية من هذا الدعم• عمي "العيد" ذكر كذلك مشكل ترميم مسجد القرية وقال بشأنه إن السكان عجزوا عن ترميمه ووضعيته تتطلب تدخلا من طرف الجميع لإنقاذه• مشروع 10 سكنات ريفية مجمدة والسكان يطالبون بمسلك لمزارعهم قال عمي"مسعود أن عددا من المواطنين استفادوا من إنجاز سكنات ريفية، وحسبه دفع المستفيدون مبلغا يقدر بـ 04 ملايين سنتيم للوكالة العقارية، لكن بعد 04 أشهر وضعية السكنات الريفية المجمعة ما تزال مجمدة إلى إشعار آخر• وفي المقابل ذكر عدد من المواطنين لـ"الفجر" أن أكبر مشكل هو إنجاز سلك فلاحي مقدرة مسافته بنحو 3 كلم وهو مسلك يربط القرية بالمستثمرات الفلاحية التي تتواجد بها أزيد من 3 آلاف نخلة مثمرة، وقال هؤلاء المواطنون إنهم طرحوا هذا المطلب على السلطات المحلية عدة مرات لكن لا شيء تحقق.. ليبقى فلاحو القرية يعتمدون على أموالهم المحدودة في استصلاح الأراضي الزراعية الصحراوية • تلاميذ حفاة يشتاقون الحليب.. والفقر كابوس يؤرق السكان زيارتنا لقرية "بلغيث" سمحت لنا بالوقوف على وضعية المدرسة الابتدائية التي تعتبر كارثية، حيث ينعدم بها مطعم مدرسي، مما اضطر مدير المدرسة أن يستعمل السكن الوظيفي المخصص له للإطعام وإدارة المدرسة، وهذا في ظروف جد صعبة فضلا عن انعدام التدفئة في القسمين التربويين في هذه الأيام الباردة• معلمة الصف الأول، وهي من ولاية برج بوعريريج، تدرّس بهذه المدرسة، ذكرت لـ"الفجر" أن حالة الفقر ساهمت بشكل واضح في تأخر التلاميذ واستيعابهم، وأوضحت المعلمة أنها أوصت الأولياء للاهتمام بنظافة أبنائهم لكن لا حياة لمن تنادي.. وهو وضع شاهدناه بأم أعيننا.. أوساخ في وجه وأعين التلاميذ، إضافة إلى حالة الفقر لدى أغلب التلاميذ انعدام الجوارب والألبسة الواقية خاصة في هذا الفصل البارد، وفضلا على هذا نقل تلاميذ السنة الأولى ابتدائي بمرارة أنهم لا يشربون الحليب صباحا بمنازلهم نظرا لفقر أوليائهم وإنما يشربون الشاي فقط• كانت لي زيارة قبل عدة سنوات للقرية حيث كانت تعيش في الظلام لانعدم الكهرباء والماء والطريق، لكن اليوم الوضع التنموي تغير.. السلطات أنجزت طريق بطول 08 كلم يربط الطريق الوطني رقم 48 بالقرية، كما تمّ إيصال الكهرباء لجميع المنازل، والآن يجري الاستعداد لإنجاز بئر محصنة لتزويد سكان القرية بمياه الشرب، لكن رغم هذا النقائص موجودة والحلول في الأفق.. نتمنى أن تتحقق• مصالح الولاية تتكفل بـ 20 عائلة بقرية "الضميريني" الوضعية الحرجة التي يتخبط فيها سكان قرية "الضميريني" كانت وراء حجيج المحسنين القاصدين للقرية من شهر إلى آخر لتقديم الإعانة للعائلات الفقيرة، فجمعية "التاج" للصحة أقدمت على مساعدة سكان القرية وتزويدهم بالمساعدات، كما قامت مصالح ولاية الوادي مؤخرا بدورها بإرسال شاحنة محملة بمختلف المواد الغذائية كالسميد، الزيت، الفرينة، السكر، القهوة وكذا بعض الألبسة والأحذية، بهدف التكفل بالعائلات المعوزة والفقيرة• وحسب رئيس ديوان والي ولاية الوادي، فإن هذه العملية تدخل في إطار مجهودات الدولة للقضاء على مشكلة الفقر، وأضاف أن وفدا طبيا من مديرية النشاط الاجتماعي عاين هذه العائلات من خلال إجراء فحوصا طبية عليها• ويبقى أمل سكان قرية "الضميريني" في إشراقة يوم تطل فيه بوادر الخير والإحسان وتوديع مآسي وكوابيس الفقر من خلال منحهم إعانات عينية لتثبيتهم في هذه القرية، قبل أن يقرروا مغادرتها دون رجعة خصوصا مع محدودية وسائل النقل والخدمات الضرورية للبقاء البشري• ربورتاج :عادل عازب الشيخ
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/03/2009
مضاف من طرف : sofiane
المصدر : www.al-fadjr.com