الجزائر

صور النصر المفقودة وأماني العدو المستحيلة



تجاوز العدوان الصهيوني الأمريكي على قطاع غزة ثمانين يوما، وما زالت الصورة التي بدأ بها العدو عدوانه الغاشم كما هي لم تتغير ولم تتبدل، تتنوع أشكالها وتتعدّد مظاهرها وتتعمّق آثارها، ولكنها تعيد نفسها وتكرر صورها.. غاراتٌ متواليةٌ وقصفٌ مستمرٌ، وقتلٌ للمدنيين وتدميرٌ للبيوت، واعتداءٌ على المستشفيات وقطعٌ للشوارع والطرقات، واستهدافٌ للّاجئين وقصفٌ لكل أماكن اللجوء ومقرات الإيواء، ومحاولاتٌ مستميتةٌ لتقويض المجتمع المدني الفلسطيني وتدمير كل عوامل الصمود وسبل البقاء.تستمر كل هذه الجرائم اليومية التي يرتكبها العدو الصهيوني بالقرار والسلاح الأمريكي، على مرأى ومسمعٍ من العالم كله، الدولي والعربي والإسلامي، الذي يقف صامتاً عاجزاً ضعيفاً متردداً متخاذلاً متآمراً لا فرق، يرصد العدوان، ويوثق العمليات، ويحصي الضحايا ويتابع الأحداث، ثم يجيز العدوان ويتفهم دوافعه ويقتنع بمبرراته، ويخضع لتفسيراته، ويتبنى روايته، ويستكمل ميزانه الأعوج وسياسته المنحرفة بإدانة الضحية، واستنكار صمود الشعب الفلسطيني وشجب صبره، ويحمله والمقاومة المسؤولية عن المجازر والمذابح واستمرار العدوان.
رغم هول ما قام به جيش العدو وعِظم الجرائم التي ارتكبها، إلا أنه لم يتقدم خطوةً، ولم يحقق إنجازاً، ولم يحرز نصراً، وما زالت دباباته تتعثر، وجرافاته تتقدّم وتتقهقر، وآلياته تُرصَد وتُقصَف، وجنوده يقتلون وضباطه يتجندلون، وحجم خسائره في ازدياد، وصارت قواته في مناطق التغوّل والدخول أهدافاً للمقاومة سهلة، ترصدها وتقصفها، وتدكها وتلغم الأرض تحتها، أو تشتبك معها من نقطة الصفر، وتنال منها قتلاً أو إصابة، ومصورات المقاومة تثبت وتؤكد، وتوثق كل العمليات بالصوت والصورة والزمان والمكان.
لا يملك العدو الصهيوني غير الكذب والادعاء، ومحاولة التظاهر بالقوة والانتصار، والتبجّح بأنه حقق كثيرا من الأهداف، وإيهام نفسه ومستوطنيه أنه وصل إلى مقار المقاومة ونسفها، وإلى الأنفاق ودمرها، وإلى قادة العمل الميداني وقتلهم، وأن بنية المقاومة وحركة حماس قد تلقت ضرباتٍ موجعة، بعد أن نجح كما يدّعي - في الوصول إلى مواقع القيادة ومراكز القرار، وأنه شتّت جمعهم وفرق صفّهم، وقطع خطوط التواصل بينهم، وغير ذلك ممّا يسوقه وهماً ويدعيه نصراً، ويحاول تكريسه بالتصريحات والأقوال، ظناً منه أنه يستطيع أن يوهي المقاومة ويضعفها، أو ينال من الروح المعنوية للشعب ويحطمها.
لكن المقاومة التي تقرن تصريحاتها بالأفعال، وتؤكد بياناتها بالصوت والصورة والدليل والبرهان، وتعلن أسماء شهدائها وتزفهم، وتنعاهم إلى شعبها ولا تخفيهم، تتحدى عدوها وتحرجه، وتتهمه بالكذب والتضليل والخداع، وتطالبه بأن يظهر صورةً واحدةً تبين اعتقاله لقادة المقاومة، أو نيله منها واستهدافه لها، أو يظهر فيها داخل أنفاق المقاومة التي ادعى الوصول إليها واكتشافها، والسيطرة عليها ومصادرة ما فيها من ذخائر ومعدات، وآليات وتجهيزاتٍ، فلينشر ما عنده إن استطاع، وليكشف عمّا حقّقه إن كان صادقاً فيما ادعى وأشاع.
إن هذا العدو بائسٌ حقيرٌ، كذّابٌ أشرٌ وضيع، لا يوجد عنده من مشاهد البطولة وصور الانتصار سوى التدمير والخراب، والقتل والعدوان، واستهداف النّساء والأطفال وكبار السن والمدنيين، ليلاً في بيوتهم، وغيلةً وغدراً في أماكن إيوائهم ولجوئهم، دون إنذارٍ أو تحذير، أو تقديرٍ لحصانة أماكنهم وخصوصية مقراتهم، فهذه هي المشاهد التي يتقنها، وهذه هي الصور التي يعرفها ويستطيع نشرها، بدعوى أنها صور النصر ومشاهد البطولة، ولا نظنّ أنه سيحظى يوماً بصورة نصرٍ حقيقية، فما عجز عن تحقيقه طوال مدة الحرب، لن يتمكّن من تحقيقه فيما بقي له من وقتٍ أمام صمود الشّعب الفلسطينيّ وصبره، وقدرة مقاومته وثباتها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)