الطاهر وطار.. الروائي الجزائري صاحب الشخصية الفريدة من نوعها الذي لم يكن غريبا استهداف الإثارة برواياته.. والدليل تعلمه اللغة العربية في سن الرابعة عشرة بحكم تربيته في قرية مداروش الأمازيغية الواقعة في أحضان الأوراس الشماء ومعقل انطلاق شرارة ثورة المليون ونصف المليون شهيد. كان عليه الاعتماد على العصامية المحضة لتجسيد شغفه بكل ما يمت بصلة للأدب بوجه عام والرواية بوجه خاص الأمر الذي دفعه إلى الإقبال بشغف على قراءة أشهر الروايات العربية والعالمية.الكتابة عن رجل في حجم الفقيد الطاهر وطار ليست أمرا سهلا بكل المعايير إذا كنا ندعي الموضوعية، باعتباره يمثل حالة إبداعية استثنائية في المشهد الثقافي والأدبي العربي بوجه عام والجزائري بوجه خاص بحكم تنوع وتداخل وجوه شخصيته المثيرة. كان وطار، الذي توفي عن عمر يناهز السادسة والسبعين بعد صراع مرير مع سرطان الكبد في باريس، دائما في قلب الأحداث التي هزت الجزائر منذ الاستقلال، وكتب روايات استلهم وقائعها وشخصياتها من رحم التاريخ الجزائري الوطني والصراعات السياسية التي عرفها بلد الشهداء الذين كرمهم في رائعته "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" بشكل بديع.في ذكرى رحيله.. هناك الكثير ليقال والكثير ليُكتب، فقد خصصت إذاعة "صوت العرب" المصرية بالقاهرة مساء أمس برنامجا تكريميا الراحل الطاهر وطاربمناسبة الذكرى ال 6 لوفاته وهذا بمشاركة عدد من الأدباء والنقاد من الجزائر ومصر والمغرب وعلى أثير حصة "جسور المحبة"، عرف البرنامج مشاركة الشاعر و وزيرالثقافة عز الدين ميهوبي والروائي واسيني الأعرج والكاتبة الصحفية أسماء كوار، بالإضافة إلى الناقد المصري مصطفى الضبع ، والذين تناولوا سيرة وحياة ومشوار وطار الأدبي. وكان للراحل وطار الذي وافته المنية في 2010 عن عمر يناهز 74 عاما علاقات صداقة مع أدباء مصر على غرار الصداقة التي جمعته بالروائي الراحل جمال الغيطاني. ولد الطاهر وطار بسدراته بسوق أهراس في 1936 وتتلمذ بالزيتونية ثم التحق بمدرسة جمعية العلماء المسلمين . وقد بدأ مشواره الأدبي في 1955 من خلال نشره قصصا في الصحافة التونسية قبل أن يصدر أول رواية له في 1971 تحت عنوان "اللاز" عرفت نجاحا كبيرا. ويزخر مشوار الراحل بالعديد من الإنجازات الثقافية منها تأسيس جمعية "الجاحظية " بالجزائر العاصمة في 1989 وكذا تأسيس عدة جوائز بينها جائزة مفدي زكريا التي كانت في البداية وطنية ثم تحولت إلى مغاربية ، كما ألف العديد من الروايات والقصص التي ترجمت إلى عدة لغات أشهرها "اللاز" و"عرس بغل" و"الزلزال" و"الشهداء يعودون هذا الأسبوع". كما حول عدد من مؤلفاتهإلى سيناريوهات لأفلام ومسلسلات تلفزيونية ومسرحيات. موهبته النقدية المبكرة سمحت له بتجاوز القائم من الإبداع الروائي في وقت قياسي، قال وطار ذات يوم "اكتشفت بسرعة خلل بعض روايات نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم إلى جانب الروائيين الآخرين الذين وقعوا في أسر التقليد الغربي" ، ويفسر وطار خصوصية كتاباته الروائية بتفاعله مع الثورة الجزائرية وظروف تربيته التي لم تسمح له بدراسة الأدب أكاديميا في وقت لاحق، وربما هذا ما يفسر حسب قوله أصالة تناوله لمواضيع شكلت الذاكرة الثورية في علاقتها بالمحيط الإيديولوجي العالمي الذي تركه ينحاز إلى صف المظلومين والضعفاء من الشعوب والأفراد والمطالبين بالعدل والمساواة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 13/08/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : نهاد م
المصدر : www.elbilad.net