الجزائر

صمت وغياب غير.. مشرفين



حسب التاريخ، الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد وثورة أجدادنا ضد المستعمر الفرنسي من أكبر الثورات في العالم، دامت 130 سنة، ومورست فيها جميع وأبشع أشكال التعذيب، وقدم أبطالنا من الرجال والنساء أرواحهم من أجل شيء اسمه الحرية، والتي لا يعرف معناها إلا من عاناها وقاسى آلامها من أنواع الظلم والاستبداد.
وقد وقف العرب، من العراق إلى المغرب، مرورا بسوريا الباكية، معنا في ثورتنا بالرغم من أنهم كانوا في أشد الحاجة والعوز، حتى أنهم عندما جاءهم المنادي في الأسواق بالتبرع لنصرة ثوارنا لم يكن يملك الكثير منهم سوى أن يخلعوا ثيابهم ليتبرعوا بها.
وبعد الاستقلال، لم يوجد من العرب ومن السوريين تحديدا من لا يفتخر ويعتز ويحترم ثورتنا المليون ونصف المليون شهيد.
ولكننا نستغرب، مثلما يستغرب الكثير، موقف الحكومة بقيادة الرئيس الثائر عبد العزيز بوتفليقة من الأشقاء في سوريا والذين يعانون أشد أنواع القتل والعنف والاغتصاب والدمار والجوع والهلاك !! تماما مثلما كان الموقف مع ليبيا وتونس ومصر واليمن (باستثناء مالي).
ممّ تخاف الحكومة؟ هل من الشعب أم من القوى الكبرى التي تدير لعبة الشرق الأوسط الجديد؟ وهل لهذا الموقف الصامت منافع لنا كدولة يشاهد شعبها ما يجري حوله بدهشة وبلا فهم!
وماذا لو يبعث الله الأمير عبد القادر، الذي ثار لحماية المسيحيين من القتل وآواهم في بيته في دمشق حتى صار رمزا عالميا للإنسانية.. من مرقده في مقبرة العالية، ليسائل من يتباهون ببطولاته وينسون معاناة أحفاده وإخوانهم الذين آووه وآواهم في بلاد الشام، عن هذا الموقف.
والمرارة كل المرارة، في تلك النظرة التي ينظر بها الجزائريون وأشقاؤهم السوريون من أصول جزائرية وهم بالآلاف، ومنهم من تولى رئاسة الحكومة في فترات سابقة من عمر سوريا الشقيقة، إلى هذا الموقف وإلى المدافعين عنه بالصمت والتغيب عن المؤتمرات الإقليمية المصيرية تارة، وبتبريرات غير مقنعة باسم عدم التدخل في الشؤون الداخلية تارة أخرى.
إن التفسير المقبول والوحيد لهذا الموقف لا يمكن أن يخرج عن إطار الخوف من أن يزكي حكامنا انتقال ''عدوى'' العصيان الشعبي إلى بلدنا الذي وبإجماع الكثير من المراقبين يظل محصنا ضد هكذا أحداث بالنظر إلى ما قاساه الشعب في التسعينيات.
ومع ذلك، نتمنى أن يتفهم الأشقاء في سوريا أن الشعب الجزائري الحر لا يرضى الجبن، ويقف إلى جانبهم في محنتهم التي لن تطول.. لأن إرادتكم لن تقهر تماما مثلما كان الحال مع شعبنا قاهر الفرنسيين.
[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)