الجزائر

صلاحة النوادر



الكوارث الطبيعية التي تتكرر عندنا كل سنة وكل موسم سواء أكان حرا أو مطرا أو بردا اتضح أن تطويعها قد أصبح -حتى يثبت العكس- من المستحيلات السبع، وأن الانسان عندنا قد تخلى حتى عن ردود أفعاله الغريزية -ولا أقول العقلية- في التعامل مع الطبيعة التي سخرها خالقه.
وبالمقارنة التي يمكن أن يجريها من يعرف منا ما يعرف في ثقافتنا العملية الشعبية بصلاحة النوادر وهي الأمطار الخريفية التي تعقب عملية الحصاد والدرس، وهي الأمطار الموسمية بالمصطلح العلمي يدرك بأن جداتنا كن يتعاملن مع هذه الظاهرة ببساطة لا يتدخل فيها الرجال لا بقوة عضلات لا بحسن تدبير لتفادي أضرار قد تنجر عنها، دون الاستعانة بأية أدوات علمية كما هو الحال اليوم.
وما يعجب له المرء اليوم هو أن ظاهرة الفيضانات تتكرر كل سنة وفي نفس الأماكن دون أن تكلف الجهات المعنية نفسها عناء صيانة قنوات الصرف تحسبا لها رغم علمها بالأحوال الجوية السائدة وبكميات الأمطار المنتظرة واتجاه السحب وسرعتها بدقة متناهية.
وهي بهذا الاهمال تتحمل المسؤولية المادية والأخلاقية والشرعية لما ينجر عن مثل هذا التقصير غير المبرر، ويجب أن تحاسب عليه هي الأخرى بصلاحة نوادر تستهدف كل مقصر في أداء واجبه، لأن العقل السليم يدفع بالمقصر أو العاجز عن تحمل مسؤوليته في هذا الشأن إلى الاسراع بالإستقالة قبل أن تسارع إليه الإقالة، لكننا للأسف افتقدنا هاته الفضيلة عند أبناء جلدتنا اليوم كما افتقدنا سياسة الثواب والعقاب وأصبحت مصالح الناس وأرواحهم آخر ما يفكر فيه.
وأصبحنا مع كل خسائر بشرية ومادية تتسبب فيها الطبيعة بحاجة إلى "صلاحة نوادر" إدارية وسياسية لا تبقي في الوادي إلا أحجاره الراصية بعد أن تذهب بزبده الذي غطى على المعادن الصافية لمدة طويلة وقد تطول أكثر من اللازم حتى تصبح هي القاعدة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)