إن العبد في هذه الدنيا تمر به محن ومصائب، ويحتاج إذا وقف عند مفترق الطرق أن يلجأ إلى ربه ويفوض إليه أمره، ويسأله الدلالة على الخير، ومن أعظم العبادات حال تشتت الذهن ونزول الحيرة بالإنسان صلاة الاستخارة التي دل عليها النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: (إذا هم أحدكم بأمر فليصلِّ ركعتين ثم ليقل: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري عاجله وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به») البخاري.
والاستخارة في كلام العرب تعني الدعاء، ومعنى إستخرتُ اللهَ: سألت الله أن يوفقني خير الأشياء التي أقصدها، وقد وردت نصوص تؤكِّد على أهميَّتها والترغيب فيها والتسليم بعدها، وقد ألَّف السيد ابن طاووس الحسني كتاباً سمَّاه: فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب شرح فيه حقيقة الإستخارة وذكر بعض الآيات الدالة عليها مثل قوله تعالى: «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» القصص 68، وقوله: «… لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ …« الروم 4، وأماّ الأحاديث فمنها: «عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال لي: «يا علي ما حار من استخارَ، ولا ندم من استشارَ».
أقسام الإستخارة وآدابها
ينبغي للمستخير أن يلتزم بالآداب التالية:
* أن يكون على الطهارة مستقبلا القبلة.
* أنّه يُقْبل بقلبه على الله جل جلاله بصدق النية.
* أن يستغفر ويتوب في الحال.
* أنّه لا يتكلم بين أخذ الاستخارة مع غيره ولا يشغل نفسه بأمر الدنيا.
* إذا خرجت الاستخارة مخالفة لمراده فيقابله بالشكر لله جلّ جلاله حيث جعله أهلاً أن يستشيره.
* الإستخارة الغيبية بالقرآن الكريم:
* إنَّ أهم عامل في صحة الإستخارة هو المستخير نفسه، فينبغي أن يمتلك روحية عرفانية صافية وتقوى مميز، ولم يبلغ هذه المرتبة إلا ذو حظ عظيم، وقد نالها بعض علمائنا.
تنبيهات
1 - عود نفسك الاستخارة في أي أمر مهما كان صغيراً.
2 - أيقن بأن الله تعالى سيوفقك لما هو خير، واجمع قلبك أثناء الدعاء وتدبره وافهم معانيه العظيمة.
3 - لا يصح أن تستخير بعد الفريضة، بل لابد من ركعتين خاصة بالاستخارة.
4 - إن أردت أن تستخير بعد سنة راتبة أو صلاة ضحى أو غيرها من النوافل، فيجوز بشرط أن تنوي الاستخارة قبل الدخول في الصلاة، أما إذا أحرمت بالصلاة فيها ولم تنوِ الاستخارة فلا تجزئ.
5 - إذا احتجت إلى الاستخارة في وقت نهي، فاصبر حتى تحلَّ الصلاة، فإن كان الأمر الذي تستخير له يفوت فصلِّ في وقت النهي واستخر.
6 - إذا منعك مانع من الصلاة - كالحيض للمرأة - فانتظر حتى يزول المانع، فإن كان الأمر الذي تستخير له يفوت، فاستخر بالدعاء دون الصلاة.
7 - إذا كنت لا تحفظ دعاء الاستخارة فاقرأه من ورقة أو كتاب، والأولى أن تحفظه.
8 - يجوز أن تجعل دعاء الاستخارة قبل السلام من الصلاة - أي بعد التشهد - كما يجوز أن تجعله بعد السلام من الصلاة.
9 - إذا استخرت فأقدم على ما أردت ولا تنتظر رؤيا في ذلك.
10 - إذا لم يتبين لك الأصلح فيجوز أن تكرر الاستخارة.
11 - لا تزد على هذا الدعاء شيئاً، ولا تنقص منه شيئاً، وقف عند حدود النص.
12 - لا تجعل هواك حاكماً عليك فيما تختاره، فلعل الأصلح لك في مخالفة ما تهوى نفسك.
13 - لا تنس أن تستشير أولي الحكمة والصلاح واجمع بين الاستخارة والاستشارة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/02/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : سفيان س
المصدر : www.essalamonline.com