صفحات مطوية من حياة ابن خلدون في مصر

نطرح في هذا البحث سيرة ابن خلدون وعصره الذي تناوله شخصيا وكتب عن نفسه في مؤلفاته خاصة (العبر)،أو (التعريف).فابن خلدون عاش زمانه المملوء بالمفارقات والتحوﻻت الكبرى وبالتطورات والنكسات وشهد زمانه مآسي إجتماعية وصحية ،كمرض الطاعون اﻷسود الذي هلك فيه الزرع والنسل خاصة في عالم البحر المتوسط ،الذي ظل طريق ترحاله وإقامته شرقا وغربا . إن ابن خلدون عاش كل هذه اﻷحداث ولم يكن شاهد عيان لها فقط،بل صانعا ومساهما للبعض منها؛في بلاد المغرب واﻷندلس ثم في المشرق،مصر وبلاد الشام. تناولنا في هذا البحث ، الفترة التي قضاها في مصر والتي تعدت عقدين من الزمن ، وماميزها عن غيرها من الفترات السابقة . حيث حظي ابن خلدون في مصر بالاهتمام والرعاية من لدن معاصريه ،من أصدقاء وأصحاب جاه وسلطة وحكام ،وبالمقابل خص ابن خلدون في كتاباته مصر بالمدح والثناء لما قدمت له من رغيف العيش الكريم وما وفرت له من مكاسب وامتيازات لم يجدها في بلاد المغرب ولا حتى في الأندلس، فقط المفارقة أن بلاد المغرب خاصة الأوسط، وفرت له إكتساب ملكة العلم والتفوق عن معاصريه في إصدار مؤلفه ( العبر ) الذي لم تعرف البشرية قاطبة كتابا مثله.بحثت بشيء من التدقيق ، في حياة ابن خلدون في مصر ،في عهد المماليك الذين عرفت فترتهم أزهى مرحلة في تاريخ مصر وحتى بلاد الشام. ولم يقصروا بتاتا في تقديم يد العون والمساعدة لصاحب اللسان والقلم والفكر العلامة ابن خلدون.