الجزائر

صرخة ضد فساد المجتمع ونصائح لإصلاح الجزائر



صرخة ضد فساد المجتمع ونصائح لإصلاح الجزائر
الشيخان علي عيّة وعبد الرزاق قسوم يدقان ناقوس الخطر**
وجّه الشيخان عبد الرزاق قسوم وعلي عية نداء أطلقاه في شكل صرخة إلى السلطات العليا في البلاد لإصلاح ما يمكن إصلاحه واعتبر الأول أنه بات واجبا الآن إخضاع كل التجربة الجزائرية من الاستقلال إلى اليوم إخضاعها للمراجعة وإعادة النظر فيها فيما أشار الثاني إلى تنامي الفساد الاجتماعي واتساع دوائر الجريمة وتدنّي المستوى الأخلاقي على نحو صار يهدّد الأسرة بالتّفكك والمجتمع بالانحلال وبفقدان هويته ومرجعيته والتخلّي نهائيّا عن أداء واجباته الوطنيّة مقدما جملة من النصائح والاقتراحات إلى أولياء الأمور ..
وكتب الشيخ الدكتور قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أنه بات ضروريا كمطلب وطني هو إخضاع كل التجربة الجزائرية من الاستقلال إلى اليوم إخضاعها للمراجعة وإعادة النظر فيها وفق مصفاة وطنية وإنسانية تسقط الساقط وتبقي على المصالح .
وأضاف الشيخ قسوم في افتتاحية العدد الأخير من أسبوعية البصائر لسان حال جمعية العلماء أن الخلل الكامن في سوء التسيير والاستهانة بالقدرات والكفاءات في التخطيط والتدبير أدى إلى ما نحن عليه من هشاشة وواقع عسير.
أين نحن من قيّم ومبادئ ابن باديس؟
وقال الشيخ قسوم في الافتتاحية التي حملت عنوان الانتخابات الجزائرية والتحديات المستقبلية : إننا وسط الحيرة والدهشة التي أصبحت لازمة من لوازم المواطنين وفي عمر اللامبالاة والردة التي تستبد بالأبناء الصاعدين لرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى في شهر نوفمبر شهر الطّهر والأطهار بيده حياتنا إلى الأمن والأمان والاستقرار بعد هذا الذي أصابنا من الاضطراب والانكسار.
وتأسف الدكتور قسوم للمشهد الاستفزازي الذي صنعه بعض الشباب أمام المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر... بغية الخروج من الوطن في الاتجاه المعاكس. تالله إننا لنخجل من واقعنا الحالي التعيس وملامح المستقبل البئيس الذي يجسده وطن حبيس متنكرا لقيّم ومبادئ ابن باديس .
وتساءل رئيس جمعية العلماء قائلا: من يتحمل بكل أمانة وشجاعة وموضوعية هذا التردي الذي سقطنا في فخاخ مطباته؟ فحولت شعبنا الموصوف بالشعب المليون شهيد لشعب المليون طريد وشريد وعنيد؟
أيحدث كل هذا بعد نصف قرن من استعادة سيادتنا واستئناف زيادتنا وتبؤ معالم قيادتنا؟
وقال قسوم:
إننا نريد من السياسي ومن الاقتصادي ومن الثقافي ومن التربوي ومن الرياضي ومن كل جزائري شريف نريد من كل واحد من هذه الفئات أن يخضع لحريته الخاصة للتأمل والتفكير فيحدد منهج السير والمسير وأن يتحرر من ثقل الضمير بانتهاج النقد الخطير لما سببه للوطن من سلوك أسهم في صنع سوء المصير.
إن الهوة السحيقة - إذن- التي أصبحت تفصل الشعب عن نوفمبر وعن جيل نوفمبر وعن كل ما يحاول جيل نوفمبر اقتراحه من الانجازات والاستحقاقات إن هذه الهوة مصدرها انعدام الثقة بين الجيلين بل وربما -دون جلد للذات- إفلاس جيل نوفمبر وفشله في الوفاء لصناع نوفمبر وشهداء نوفمبر وقيم ومبادئ نوفمبر.
ويكفي أن نلتفت يمنة ويسرة ونحن في ذكرى الجهاد والاستشهاد يكفي أن نلتفت إلى محيطنا وإلى الجيل الصاعد من حولنا لتنفجر في وجوه الردة الثقافية والتربوية التي تملأ بالرطانة ألسنتنا وألبستنا وواجهات محلاتنا وعندما نحاول نحن الذين عشنا مراحل الجهاد النوفمبري أن نقارن بين معلومات جيلنا الذي كان يتميز بأخلاق الصحابة في أمانته وروحانيته ويقتدي بالسلف الصالح في معاملته ومواطنته نقارن بين هذا وبين جيلنا الصاعد في شكله ومضمونه وفي لحاه وذقونه وفي آماله وشجونه لندرك خيبة الأمل الكبيرة وما أصاب جيل اليوم مقارنة بجيل الأمس.
فأين يكمن السّر إذن في هذا التحول المذموم؟ وهذا الانقلاب المشؤوم؟ وهذا التوجه المسموم؟
إن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة الخطيرة يلقي بنا في جو سحيق من التحاليل والتعاليق.
وأضاف الشيخ قسوم محللا ومعللا :
إن نقطة الانطلاق الملعونة تكمن في ردتنا الحضارية التي جعلتنا نتنكر لكل ما هو أصيل فينا فتعجمت ألسنتنا وتغربت أفئدتنا وتفرنست ذهنيتنا فحدثت فينا هذه القابلية للاستعمار والاستحمار والاستخمار.
لم نجد ما أنفقناه في منظومتنا التربوية من ميزانيات لبناء المواطن المؤمن لوطنيته والإنسان الصالح لإنقاذ أمته وحضارته.
بل لعلنا غذينا بأموالنا ومناهجنا المعكوسة كل ما يدعو إلى الانحراف في تاريخنا وأصالتنا وعراقتنا فأصبحنا منبتين لا مسافة قطعنا ولا أصلا أيقنا.
ذلك هو شأننا اليوم تكون أجيالا لا تشبه أي جيل خالية العقول من العلم وخاوية القلوب من الفهم وما صبغه الإيمان بأي حلم.
أفبعد هذا نلوم الشعب إذا ما هو غاب عن جد الجهاد وذكرى نوفمبر؟ ونلعن الشباب لأنه أقدم على المركز الثقافي الفرنسي طالبا الفرار إلى المهجر؟
وتقلب الأكف على لامبالاة الجميع لكل استحقاق؟
نصيحة إلى أولياء الأمور
تحت عنوان (نصيحة إلى أولياء الأمور في هذا الوطن الغالي: الجزائر) كتب الشيخ علي عيّة رسالة إلى السلطات العليا في البلاد وخصّ بالذكر الوزير الأول أحمد أويحيى دق من خلالها ناقوس الخطر بخصوص الوضع العام للبلاد والمجتمع ومقدما ما رأى أنه يمكنه الإسهام في إصلاح بعض الأمور..
وقال الشيخ عية إمام أستاذ رئيسي بالمسجد الكبير وشيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن والذكر وعضو مجلس العلمي وأمين مجلس اقرأ بورقلة في الرسالة التي نشرها على جدار صفحته الفايسبوكية:
حرصا من بعض أئمّة الجزائر وبعض ودعاتها وبعض علمائها وبعض شيوخ الزوايا على المصلحة المشتركة التي تجمعنا في هذا الوطن الغالي دعانا الالتزام الشّرعي والواجب الوطني إلى رفع انشغال ملايين الجزائريين المتوجّسين من عواقب تفاقم الفساد على كل الجبهات لكنّ الذي يهمنا بالدرجة الأولى هو الخوف من تنامي الفساد الاجتماعي واتساع دوائر الجريمة وتدنّي المستوى الأخلاقي على نحو صار يهدّد الأسرة بالتّفكك والمجتمع بالانحلال وبفقدان هويته ومرجعيته والتخلّي نهائيّا عن أداء واجباته الوطنيّة ومن أجل المساهمة في إصلاح أحوالنا وحماية مجتمعنا وصيانة دولتنا نضع بين أيدي معاليكم هذه النصائح في شكل رؤوس أقلام وكلنا استعداد للمساهمة في تجسيدها في الواقع والتعاون مع دولتنا من أجل الصالح العام.
1 آفة المخدّرات:
تفاقم أمر هذه الآفة إلى أن صار تعاطيها واسع الانتشار داخل مؤسّساتنا التربويّة وبين أطفال المدارس ناهيك عن ترويجها في النسيج الاجتماعي على كل المستويات ورغم الجهود الكبرى التي تبذلها المؤسسات المخوّلة إلاّ أنّ الظاهرة أخذت أشكالا مفزعة تسببت في القتل وقطع صلة الأرحام وتهديد المجتمع كله في أمنه واستقراره. ولا نرى من علاج صارم لاستئصال هذا الدّاء الخبيث سوى تسليط أقصى العقوبات على المتاجرين بالمخدرات والمروّجين لها بسنّ قوانين رادعة تصل إلى حدّ المؤبّد والإعدام. فمن يسعى في تخريب عقول أبنائنا فهو محارب لأمّتنا يصدق عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَاف أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة: 33 . ويُلحق بهم خاطفو الأطفال وتجّار الرّقيق الأبيض.
2 المرجعية الإسلاميّة:
كثر الحديث عن الهويّة والمرجعيّة وكثرت معه الفرق الوافدة علينا من الشرق والغرب والمشكلة ليست في ظهور هذه التيارات في بلادنا بقدر ما هي في تعطيل دور المؤسسة المسجديّة وإهدار قيمة الإمام والعبث بكرامته والتخلّي عنه والزجّ به في معارك ليست من صلاحياته حتّى صار مهدّدا بالتصفيّة الجسدية والمطاردة والاعتداء عليه بالضرب داخل بيوت الله وفي مقرّ عمله والسبب يعود إلى كثرة التصريحات الصادرة الوزارة الوصيّة وتضييق ما هو واسع كحصر الأذان في تكبيرتيْن (علما أنّ اخواننا الإباضيّة يكبرون أربعا) وتسليمة واحة في الصلاة وإثارة النعرات بين أبناء الوطن الواحد تحت حجج واهيّة والتضارب في الأرقام حول صندوق الزكاة.. وآخرها الحديث عن 187 مليار ذهبت أدراج الرّياح.. الخ. وكلها سلوكات لا تشرّف الوزارة لأنها تشوّه صورة السلك الدّيني وتشكك في رسالة المسجد النبيلة ونحن نقترح ما يلي.
ضبط التصريحات الرسميّة والتقليل منها لمنع التضارب.
حماية الإمام من التهديدات وصون كرامته وتثمين جهده.
إبعاد المسجد عن الصراعات المذهبيّة والحزبيّة والإداريّة والنقابيّة..
عدم التضييق على المختلف فيه والتركيز على رسالة وعلى وظيفة الإمام الأولى بالدّعوة إلى الخير وإصلاح ذات البين والتوعيّة واليقظة والوحدة الوطنيّة ومحاربة الآفات الاجتماعيّة والتحذير من الغلوّ والتطرّف والفرقة ومن العدوّ الخارجي..
ضرورة التفريق بين أموال الزكاة وبين أموال التبرّعات والهبات والأوقاف والخدمات لتحديد أوجه صرف الزكاة في وجوهها الشرعيّة جمعا وتوظيفا وتوزيعا وإعفاء من الضرائب لتكون مصرفا وطنيّا تستفيد منه الأصناف الثمانيّة المنصوص عليها في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة: 60. بعيدا عن التبرّعات والهبات والأوقاف.
تقنين صندوق الزكاة كمؤسسة مصرفيّة ثم نقله من وزارة الشؤون الدّينيّة إلى وزارة الماليّة ولاسيما في باب القروض الحسنة الممنوحة للشباب بشكل غير ناجع بلا مرافقة ولا متابعة ولا محاسبة.. ما دامت الصيرفة الإسلاميّة قد تم اعتمادها رسميّا في المؤسسات الماليّة الجزائرية.
تفعيل دور المسجد ورسالته الحضاريّة بإشراك الإمام في الجهد الوطني للتنميّة والنموّ ولا سيما في المسائل ذات الصلة بالجبهة الاجتماعيّة والوحدة الوطنيّة ومكافحة المخدّرات وسائر الأمراض المتفشيّة في المجتمع.
استحداث لجنة إصلاح ذات البين على مستوى كل مسجد لتخفيف الضغط عن المحاكم والمساهمة في الصلح بين الناس خاصة بين المتزوّجين الشباب الذين يستسهلون الطلاق في سنتهم الأولى (ارتفاع نسبة الطلاق لا تخفى عليكم).
3 الجرائم الأخلاقيّة:
عرفت السنوات الأخيرة وتيرة متسارعة في انحراف الشباب وصعود موجة الجرائم الأخلاقيّة بيوت الفساد علب الليل غرف المواعيد التحرّش الجنسي زنا المحارم.. أمام تفاقم ظاهرة الطلاق وعزوف الشباب عن الزواج وكثرة مسمّى الأمهات العازبات والعوانس والعزّاب.. والخطر الدّاهم صار يتهدّد الأسرة الجزائريّة بالتفكك والنسيج الاجتماعي بالتهلهل إذا لم نتعاون جميعا على تطويق خطره فأمام تدهور القدرة الشرائيّة سوف تتسع جيوب الفقر ويزداد منسوب الانحرافات في أوساط الشباب وتجد مواقع التواصل الاجتماعي فرصتها لتفجير الوضع بدسّ المزيد من السموم في منظومتنا الاجتماعية الهشّة. ولتطويق هذا الخطر الدّهم نقترح ما يلي.
الإسراع بتنصيب المجلس الأعلى للشباب وانتقاء المشرفين عليه بعناية.
تحميل المنظومة التربويّة مسؤوليّة أكثر في محاربة هذه الآفات في الوسط المدرسي والجامعي بسبب كثرة التجارب باسم اصلاحات الجيل الأول والثاني والثالث لكنّ الواقع يترحّم على الجيل الماضي.
إعطاء أدوار أوسع لمؤسسة المسجد في التوعيّة والتثقيف والتحسيس..
إقامة الندوات والأيام الدراسيّة حول المرأة والأسرة والتماسك الوطني..
تفعيل دور الجمعيات والمجتمع المدني في هذا الإتجاه الوطني المشترك.
4 البنوك الإسلاميّة:
استبشرنا خيرا بقرار فتح بنوك إسلاميّة واللجوء إلى نظام الصيرفة في النظام المالي اللاّربوي لكننا صُدمنا بأحاديث الخبراء حول كيفيّة إدارة هذا المنتوج المصرفي الذي يقوم على الثقة بين البنك والزبون في شتّى مراحل التعامل مشاركة ومضاربة ومرابحة ومزارعة وقروض استهلاك.. ونحن ننصح بما يلي :
البعد عن أحاديث الشبهات التي تزرع الشك في جديّة سلطة القرار السياسي.
عدم الخلط بين النظامين المصرفيين التقليدي والإسلامي.
وضع على مستوى كل شباك مصرفي خبير بالصّيْرفة الإسلامية يتولّى شرح خطوات الفعل لكل زبون راغب في إدارة أمواله بهذه الصّيغة الجديدة.
تحكيم الشريعة الإسلاميّة في مختلف المعاملات رفعا للحرج ودفعا للشبهة.
تنظيم حملة واسعة لتوعيّة المدّخرين لأموالهم في بيوتهم لتشجيعهم على إيداعها في هذه البنوك بوصفهم شركاء في الجهد الوطني ومستفيدين من خدمات توظيف رؤوس أموالهم بلا ظلم ولا هضم.
وختم الشيخ علي عية رسالته بالسم الأئمة والعلماء قائلا:
ينبغي ترشيد سياسة الحكومة تجاه منظومتنا التربويّة والإعلاميّة والثقافيّة بالكفّ نهائيّا عن إثارة النعرات أو استفزاز مشاعر المواطنين حول موروثهم الديني والثقافي والتاريخي واللغوي فالبسملة ليست شعارا يُرفع إنما هي آية قرآنيّة محكمة في كتاب الله تعالى كتبها رسلُه وأوصى المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن تُذكر في كل أمر ذي بال والكتاب المدرسي وثيقة رسميّة ومرجع من مراجع هويتنا التي يجب أن تتصدّرها البسملة.. اللهم هل بلّغنا؟ اللهم فاشهد والحمد لله ربّ العالمين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)