صراع على مصادر التنمية

عادت منظمة البلدان المصدرة للبترول اوبيب مجددا إلى واجهة الأحداث الدولية والإقليمية من خلال اجتماعها الأخير، حيث كانت الدورة 161 التي جرت بفيينا موعدا لتأكيد ضرورة تفادي تراجع مستوى الانسجام بين الأعضاء الذين تربطهم مصلحة مشتركة تكمن في ضرورة الحفاظ على استقرار السوق العالمية من خلال الامتناع عن تجاوز حصص الإنتاج المتفق عليها والحذر من الانزلاق في لعبة إغراق السوق بالذهب الأسود خاصة من جانب بعض البلدان ذات القدرات الانتاجية الكبيرة مما يلحق الضرر بمصالح بلدان أخرى منها من لديها قدرات إضافية ويمتنع عن توظيفها خارج إطار اتفاق جماعي عادل وشفاف.
العضوية في منظمة بحجم وتاريخ اوبيب تترتب عليها مسؤولية لا تقدر ليس تجاه الأعضاء فحسب ولكن أيضا تجاه البلدان المستهلكة من كبار البلدان الصناعية التي تسعى في كل مناسبة لضرب استقرار الأسعار بالضغط عليها أكثر مستفيدة من توترات العلاقات الدولية وبؤر النزاعات التي تلهب العالم مؤثرة بشكل مباشر على أسواق البترول خاصة في ظل تفاقم الأزمة المالية الدولية التي أخلطت الساحة فاسحة المجال لسيناريوهات تجعل كل طرف يعيد ترتيب حساباته خاصة لما يتعلق الأمر بالسيولة النقدية بالعملة القوية المفقودة.
في خضم التحولات التي انزلق إليها الاقتصاد العالمي مثلما تعكسه أزمة منطقة اليورو حاليا وقبلها تلك الحروب التي ألهبت أكثر من منطقة كانت الاوبيب في عين الإعصار بين من يبحث عن تفجيرها لتسقط أسواق البترول في قبضة المضاربين وأصحاب القوة وبين من دافع عنها لتستمر ولو بانسجام هش لتصون مصالح البلدان المصدرة بما يضمن مصادر تمويل التنمية المستدامة في إطار التوازن والإنصاف.
إن الصراع على أسواق الطاقة التقليدية هو صراع على مصادر تمويل التنمية بالأساس بعيدا عن أي توجه للمساس بالمصالح المشروعة للشركاء منتجين ومستهلكين، وهو ما تحرص عليه الجزائر ضمن صياغة مواقف وقرارات الاوبيب بالتأكيد على أهمية التزام كل عضو بالتقيد بالحصة الإنتاجية المقررة له في الاتفاق الجماعي والامتناع عن أي زيادة تحت أي ظرف كان من شأنها أن تغرق السوق فتصيب الأسعار في مقتل وهو ما لا يخدم استقرار معادلة العرض والطلب.