الجزائر

صخرة إيعكوران، عمي "موح"، "الحروز".. خرافات تتمسك بها عوانس للظفر بعريس


صخرة إيعكوران، عمي
”راني برت يا محاينك، عندي 28 سنة ومازال ما تزوجت نتاجاتي كامل راهم يتزوجو.. غير أنا اللي قعدت واش ندير..؟”، هذه هي الجملة التي ترددها فتيات في وقتنا في سن متقدمة جدا بالنسبة لما نسميه بسن العنوسة، فتتسلحن بحافظة نقود مملوءة عن آخرها بأوراق من جميع الفئات النقدية وتتوجهن بذلك لإيجاد حلول للعنوسة، فتشاهدهن في طوابير عريضة عند أبواب المنجمين، المشعوذات، وحتى في ضرائح الأولياء الصالحين.. وخرافات لا ترقى لأن يصدقها العقل البشري..زادت نسبة الفتيات العازبات بالجزائر بصفة ملحوظة، حتى أصبحت فتيات تخفن من شبح العزوبية بشكل يثير الريبة، فصرن يتحدثن بشكل غير متوقف عن الزواج، وفتاة خطبت وأخرى تزوجت.. وتنتابهن نوبات هستيرية فور خطوبة أو زواج فتيات تقل سنا، فتسابقت فتيات نحو الزواج حتى إن كان ملحوظا مسبقا أن هذا الزواج سيبوء بالفشل، وخوفا من ظاهرة العزوبية، أوكما يحلو للفتيات الجزائريات تسميتها ب”البور”، نسبة للأرض البور التي لا نجني منها الثمار، حيث أصبحت الفتيات تتوجهن لكل حل قد يخرجهن من هذه المصيبة، فيتاسبقن نحو المنجمين، المشعوذين، وتجدهن في طوابير طويلة عريضة بقاعات الاستقبال وينتظرن لساعات طويلة حضور أدوارهن من أجل بصيص من الأمل الذي يُعد بالنسبة لهن كفيلا بإخراجهن من هذه الأزمة فتجدهن يزرن كل ما له علاقة بالزواج..ثقب صخرة بإيعكوران يجر الفتيات نحوه من مختلف الولايات تقع إيعكورن بولاية تيزي وزو، وهي منطقة سياحية تقع في أعالي جبال تيزي وزو تحتوي العديد من الحمامات الطبيعية، حيث تؤمن الفتيات اللواتي التقت بهن ”الفجر” بهذه المنطقة، أنه إن تناست الفتاة العزباء فور شروعها في الخروج من هذا الحمام أي قطعة من ثيابها فإن الخطيب سيعثر على هذه الفتاة فور عودتها إلى منزلها.. وعندما توجهنا إلى أعالي هذا الجبل أثارت انتباهنا زغاريد مجموعة من الفتيات اللواتي كن مصطفات أمام صخرة سقطت منذ زمن بعيد من فوق الجبل تحتوي ثقبا كبيرا نوعا ما يبلغ طوله حوالي 5 أمتار، وتبدأ فتحته كبيرة وفور الدخول إليه يضيق إلى نهاية الفتحة بحيث كانت الفتيات تدخلن وتخرجن منه لعدة مرات وكلما خرجت واحدة من داخله تشرع الفتيات في الزغاريد، حيث يعبرنه سبع مرات مؤمنات بذلك بأنه سيفك عقدة الزواج لديهن.. اقتربنا من إحدى الفتيات التي حضرت من ولاية بشار تدعى مريم ذات 26 ربيعا والتي أخبرتنا أنها جاءت خصيصا لدخول هذه الحفرة وأنفقت على سفرها هذا ما يفوق 30 ألف دج من أكل وشرب وسفر، بغرض فك عقدة العزوبية، ولم تكن الوحيدة بل حضرت مع العديد من الفتيات واللواتي جئن من أماكن متعددة من بقاع الوطن إيمانا بهذه الصخرة الصماء، التي إن لم تكن تغني من جوع إلا أنها استهلكت حاويات نقود هؤلاء الفتيات بلا رحمة ولا شفقة.الشيخ ”موح” مفتاح باب الزواج..توجهت ”الفجر” نحو منزل الشيخ ”موح” وهو شيخ يبلغ من العمر 63 سنة، يعمل كمنجم، موهما زواره أنه يقوم بفعل الرقية الشرعية التي يقبض نقودها منهم، والتي يبلغ ثمنها 2400 دج. وفور دخولنا لبيته الذي يُعد مقر عمله وجدنا طابورا من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و45 سنة، وتتعدد مشاكلهن اللواتي تنصب معظمها في الزواج، بين هذه التي تربطها علاقة بشاب رفض خطبتها، وتلك التي خطبها شاب وتخلى عنها وتلك التي لم يتقدم أي شخص لخطبتها منذ زمن بعيد تعددت أسبابهن، إلا أن هدفهن كان واحدا. وبتقربنا من فتاة تسمى أمينة هذه الفتاة التي أثارت دهشتنا، التي رغم صغر سنها، إلا أنها أعدت نفسها في لائحة الفتيات اللواتي فاتهن قطار الزواج. هذه الفتاة التي تدفع في الزيارة الواحدة لهذا المنجم ما يفوق 1000 دج، حيث أخبرتنا أنها تحضر ثلاث بيضات في كل مرة حتى يقرأ عليها بختها منها هذا المنجم، وثمن البيضة الواحدة التي يقوم بفقسها يتعدى 300 دينار، ففي كل زيارة تحضر معها ثلاث بيضات أخريات، وفي كل مرة يقرأ لها مستقبلها مع فارس أحلامها الذي تسمع عنه ولم تشاهده يوما، بالإضافة إلى مبالغ مالية أخرى للملح الذي يبلغ ثمنه 200 دج والزيت 300 دج التي تقوم بدهنها، والتي يقرأ عليها عدة كلمات لم تفهمها يوما إلا أنه يستفتح دائما بالفاتحة، على حد قولها. هذه الفتاة التي أعمت العزوبية بصيرتها، حيث أوضحت بأنها تقترض يوميا النقود من صديقاتها كونها لا تشتغل بعد طردها من عملها بعد غياباتها المتكررة التي كان سببها حضور مجالس عمي منور، إلا أن أملها وإيمانها بقدرات هذا المنجم كانت واضحة في وجهها، مؤكدة أنها لن تفارق الأماكن إلى أن تبلغ مرادها..مشعوذات تنهبن أموال الفتياتلازالت بوادر الشعوذة تجوب بقاع الوطن بالرغم من الحملات التحسيسية التي قام بها الكثير لإظهار الحقيقة للعيان، إلا أن ضعف الوازع الديني خلد مجد المشعوذات والمشعوذين الذين يجنون أموالا طائلة من التحايل على الناس، هذا الوباء الذي تفشى في عقول الفتيات العانسات اللواتي يترددن بإسراف على المشعودات لشراء تعويذات و”حروز” ووصفات رائحتها تصيب بالغثيان، وقيمتها المالية تصيب بالإغماء.. المبالغ خيالية والنتائج غير مضمونة إطلاقا. وللأسف الشديد لازال المشعوذون ينشطون بطريقة سرية بغية نهب جيوب الغافلين، فيبتزون أرصدتهم ويقدمون لهم في المقابل حشائش مسمومة.. المشعوذات يدعين قراءة الكف وإيجاد حلول لجميع المشاكل مستغلات في نفس الوقت الأزمات المالية والنفسية التي تعتبر القاسم المشترك لمعظم شرائح المجتمع، إذ بمجرد أن يسلم الزبون كفه للقارئة تبدأ بتمعن وتفحص خطوط راحة اليد طالبة ”تأشيرة” لدخول المستقبل من أبوابه العريضة، حيث تركز قارئات الكف على العلاقات الإنسانية التي من شأنها أن تثير قريحة الزبون وتشد انتباهه كالحب والزواج والعمل وغيره..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)