الجزائر

شيخ الطريقة القادرية ألفا دحا كونتا ل”البلاد": مشكل الأزواد مفتعل والدول الغربية تريد نهب ثروات المنطقة



شيخ الطريقة القادرية ألفا دحا كونتا ل”البلاد
^ الجزائر مطالبة بأن تكون مركز إشعاع للمذهب المالكي في الساحل ^ ساركوزي ينبغي أن يحاكم على تدمير ليبيا
^ المذهب المالكي صار مهددا في الساحل ^ النظام السعودي استغل فقر المنطقة للتبشير بالوهابية
يحذر شيخ الطريقة القادرية ألفا دحا كونتا، ورئيس بعثة العلماء الماليين المشاركين في ملتقى علماء الساحل، من انحسار المذهب المالكي في منطقة الساحل، وانتشار مذاهب غريبة على حسابه في المنطقة. ويطالب في هذا الحوار الذي جمعه مع "البلاد"، على هامش فعاليات الملتقى، أن تكون الجزائر مركز إشعاع
لنشر المذهب المالكي، ومحاربة المذاهب المتطرفة والدخيلة على المنطقة. كما يستعرض تطورات الأوضاع في مالي، بعد التدخل العسكري الفرنسي.
محمد سيدمو
^ هل تعتبرون أن المذهب المالي صار مهددا في منطقة الساحل؟
نعم بالتأكيد، لأن الدول الثمانية المجتمعة في هذا اللقاء، أغلبية سكانها، تعتنق المذهب المالكي، الذي أصبح ينحسر لحساب مذاهب أخرى أصبحت تخنق المذهب المالكي، وواجبنا هو رفع التحدي من أجل أن يكون المذهب المالكي معروفا ومدرسا ومفهوما من قبل جميع المسلمين في المنطقة.
^ هل يمكن إعادة العناصر المتشددة التي اعتنقت مذاهب أخرى إلى أحضان المذهب المالكي؟
لا يمكن حملهم على اعتناق مذهب لا يريدونه، لكن يمكننا عبر إظهار قيم المالكية الحقيقية، أن نؤثر فيهم، ولدينا كل الحظوظ لتغيير نظرتهم عن المذهب المالكي.
^ ما رأيكم في انتشار الوهابية في منطقة الساحل؟
يجب التذكير أن الوهابية تيار إصلاحي نشأ في الجزيرة العربية، ثم أعطاه النظام السعودي طابعا سياسيا. والمعروف أن السعودية تخصص أموالا طائلة لنشره في العالم. وما دامت دول الساحل فقيرة، فهي من أكثر الدول عرضة لانتشار هذا المذهب، فالطالب الذي لا يملك أن يتناول ثلاث وجبات في اليوم، لن يصمد أمام منحة تأتيه من السعودية للدراسة في جامعاتها، فيعود محملا بالفكر الديني السائد هناك.
^ وما الحل في رأيكم لإعادة الاعتبار للمذهب المالكي في المنطقة؟
لا بد من فتح مدارس ومعاهد جامعة لكل دول المنطقة، وعلى الجزائر بما لها من إمكانيات كبيرة، أن تكون مركز إشعاع لنشر المالكية في المنطقة والحفاظ عليها. وأنا أتوجه إلى الرئيس بوتفليقة، كي يقدم كل الإمكانيات اللازمة من منح للطلبة، ومعاهد للتكوين، وفتحها أمام كافة الشباب في منطقة الساحل الراغبين في الدراسة، ولا بأس من الانفتاح على باقي المذاهب الأخرى ودراستها، من أجل التعرف عليها، ومعرفة ما يميزنا عنها والاعتزاز بذلك.
^ ثار جدل واسع حول المشروعية الدينية للتدخل العسكري الفرنسي في مالي، ما رأيكم؟
ما يحز في نفسي أن مالي التي تعد دولة إسلامية، لم تتلق الدعم الكافي من منظمة المؤتمر الإسلامي التي تنتمي إليها، بعد أن احتلتها جماعات إرهابية متطرفة.
لو كانت هذه الجماعات تتبع حقا ما جاء به الرسول الكريم محمد "ص"، لاتبعوا سنته، وتقيدوا بما فعله حين هاجر إلى المدينة المنورة، ولم يجبر أحدا على اعتناق الإسلام، وجنب المدينة بأخلاقه العالية حروبا كان من الممكن أن تندلع فيها، نظرا لثرائها الديني والعرقي.
^ ما الذي فعلوه بتومبوكتو؟
ما يسمى بالجماعات الإسلامية في مالي، احتلوا مدينة تمبوكتو التي تأسست على حضارة الإسلام، وصارت بفضله مركز إشعاع في إفريقيا بأكملها، وإذا كانت مكة قبل الإسلام ينتشر فيها الأصنام، لم تعرف تمبوكتو يوما الأصنام. ولما جاء هؤلاء الهمج دمروا محلات تمبوكتو، ونهبوا متاجرها، ودمروا الاقتصاد وارتكبوا فضائع لا حصر لها. وليتهم توقفوا عند هذا، فقد اغتصبوا النساء، وفرضوا على الجميع إطلاق اللحية وتقصير الثياب، وهذه كلها من الصغائر التي لا تعبر عن جوهر الإسلام وعظمته. إن منهج القرآن يتضمن ثلاثة جوانب، الجانب الروحي، والشريعة السمحة، والفهم الرشيد للنصوص، وهم ركزوا على جزء صغير من الشريعة هو تطبيق الحدود، وليتهم أحسنوا تطبيقها.
^ أفهم من كلامكم أنكم تؤيدون الحل العسكري، لكن ألا تعتقد أنه غير كاف للقضاء على الأزمة الحالية؟
فعلا، الإسلام يطالبنا بالحوار، وقد فعلنا المستحيل في بوركينافاسو والجزائر من أجل دفعهم للحوار، لكن هؤلاء "الجهاديين" دون فهم أو وعي لما يقومون به، فاجؤونا بمهاجمة جنوب مالي، فهل كنتم تنتظرون منا أن نتركهم يحتلون كامل مالي؟ ما يؤلمني أن فرنسا ليست مسلمة ولكنها جاءت تدافع عن أحد أعمدة الإسلام وهو حرية الاعتقاد.
^ لكن قد تكون لفرنسا أسباب أخرى غير التي ذكرت؟
قد يكون ذلك، لكن هذا ما يجب أن نركز عليه الآن، لأن بلدنا كان في خطر. في الماضي جميع دول الساحل، ساعدت فرنسا في التخلص من الاحتلال النازي، وجاء دورنا الآن ليساعدونا في التخلص من هذا الاحتلال، بعد أن رفضت الدول المسلمة مساعدتنا.
^ هل تعتقدون أن الجزائر من بين الدول التي رفضت مساعدتكم؟
لا أبدا، الجزائر قامت بمجهودها الكبير في تقريب وجهات النظر بين الحكومة المالية والمتمردين في الشمال، والجزائر كان لها دور في كل المواثيق التي تم توقيعها بين مختلف الأطراف. لكن هؤلاء الإرهابيين لا يؤمنون بالحوار، والدليل على ذلك أن الجزائر لم تحاورهم في العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت المنشأة الغازية في عين أميناس. وأنا أحيي التزام الرئيس بوتفليقة بالعمل على حماية المنطقة من كافة الأخطار الإرهابية التي تتهددها.
^ هل أنت متفائل برجوع الاستقرار إلى مالي؟
أنا متفائل ولكني قلق في الوقت نفسه، فبعد تحرير المدن الثلاثة، غاو وتمبوكتو وكيدال من أيدي الإرهابيين، تصرف بعض السكان بشكل غير مقبول، فاقتحموا المحلات ونهبوها، وهناك حديث عن إعدامات قام بها الجيش المالي، وسكان هذه المناطق ضد بعضهم البعض.
^ هل تؤكد المعلومات التي تثار في وسائل الإعلام حول الإعدامات التي يقوم بها الجيش المالي؟
أنا لم أكن موجودا هناك حتى أؤكدها أو أنفيها، ولكن حسب المعلومات المتوفرة من الصليب الأحمر وبعض المنظمات الأخرى، حدثت تجاوزات خطيرة، ولا بد من التحقيق في ذلك. ومهما يكن، فإن المسؤولية في الأخير تقع على عاتق الجماعات الإرهابية، التي لولا صنيعها، لما اندلعت هذه الحرب.
^ هل مشكلة الأزواد ستنتهي بمنح الحكم الذاتي لهذا الإقليم؟
أنا أعتقد أن شمال مالي منطقة مليئة بالثروات من البترول إلى اليورانيوم، إلى المياه الجوفية، التي بإمكانها تخضير صحراء الساحل. وليس خافيا أن بعض الدول الغربية لديها استراتيجية للاستيلاء على الثروات.
^ هل فرنسا من بين هذه الدول؟
نعم، أنا لا أستثنيها من ذلك، بل أقول إن الرئيس ساركوزي ينبغي أن يحاكم على تدميره لليبيا، الذي أدى إلى ما نحن عليه اليوم من أزمات في المنطقة، لكن الرئيس الحالي هولاند قلب المعادلة، وهو يريد تصحيح أخطاء سلفه.
^ إذن مشكل الأزواد مرتبط بأجندات خارجية في نظركم؟
ما يحدث في مالي ليس استثناء عما حدث في ليبيا وتونس ومصر، وسوريا حاليا، وهو جزء من سياسة الدول الغربية لخلق الصراعات في الدول الإسلامية، من أجل الاستيلاء على الثروات وبيع السلاح. لا يمكن أبدا الاقتناع بأن التمرد يمثل حلا لمعارضة أي نظام سياسي، فلا بديل عن الانتخابات الحرة والمسار الديموقراطي في النضال السياسي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)