اعتبرت وظيفة شيخ البلد من الوظائف الإستراتيجية الهامة داخل المدينة، خاصة وأنها ارتبطت بالحياة الاقتصادية، كما كانت على اتصال مباشر بالسلطة العليا للإيالة، وما يجب الإشارة إليه أن هذا المنصب لم يستحدث مع مجيء العثمانيين، بل يظهر أنه وجد في المنطقة قبل ذلك بزمن طويل، وذلك بسبب البنية الاجتماعية للمجتمع المغربي التي تقوم على فكرة القبيلة والتي تخضع بدورها للشيخ، ولما دخل العثمانيون إلى الجزائر خلال القرن السادس عشر أبقوا على هذا المنصب، وجعلوا منه وظيفة رسمية في الإدارة المدنية العثمانية.
لقد ذكر منصب شيخ البلد في معظم المصادر المحلية والأجنبية، والتي تعطينا تفاصيلا مهمة عن صاحبه ووظيفته ومكانته في هرم الإدارة المدنية، ومن هذه المصادر كتاب التشريفات، كما نجد له ذكرا في مصادر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر مثل "شو Shaw" و"تاسي Tassy" و"بايسونال Peyssonnel" وغيرهم، ويبقى هايدو من بين أولئك الذين لم يتحدثوا في هذه الوظيفة، رغم أنه أطنب الحديث في كثير من الوظائف والقضايا من خلال "طبوغرافيته.ويظهر أن وظيفة شيخ البلد اكتست أهمية خاصة لدى مسئولي الإيالة، لدرجة أن الباشا كان يشرف بنفسه على تعيين صاحبها، وذلك لأن متوليها سيصبح بمثابة الواسطة بينه وبين السكان المحليين من العرب والبربر، ولذلك كان يشترط فيمن يتولى هذا المنصب أن يكون من العنصر المحلي ومن العائلات العريقة ذات المكانة المرموقة والحظوة والاحترام داخل المجتمع، ففي مدينة قسنطينة، على سبيل المثال، توارثت عائلة بن قانة وبوعكاز والمقراني هذا المنصب لفترة طويلة من الزمن، وكانت هذه العائلات معروفة بمكانتها الاجتماعية داخل المدينة وبعلاقاتها المتميزة بالسلطة الحاكمة
.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/06/2022
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - بوشنافي محمد
المصدر : الحوار المتوسطي Volume 4, Numéro 1, Pages 22-29 2013-03-15